للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانون الثاني (١٩١٦م) بأن أهدافنا الرئيسية تفتيت الوحدة الإسلامية , بدحر الإمبراطورية العثمانية وتدميرها , وإذا عرفنا كيف نعامل العرب فسيبقون في دوّامة الفوضى السياسية , داخل دويلات صغيرة حاقدة متنافرة غير قابلة للتماسك". هامش

وقد سلك المستعمرون شتى الوسائل الماكرة للتفريق بين المسلمين وبث عوامل التجزئة.

فكان من صور هذه الوسائل التي مهروا اصطناعها في بلاد المسلمين , أنهم إذا أرادوا تنفيذ أمرٍ يثير النقمة الشديدة في بعض البلاد الإسلامية التي استعمروها أمروا بعض موظفيهم من بلد آخر واقع تحت سلطانهم , أن يباشروا تنفيذ هذا الأمر المثير للنقمة , فيذهب هؤلاء الموظفون وهم يجهلون سياسة المكر التي يدبرها المستعمرن , فيقومون بتنفيذ ما أمروا به , وحينما تشتد النقمة وتبلغ غايتها , تتدخل السلطات الاستعمارية , فتعرب عن سخطها واستنكارها لما حصل من بعض موظفيها , وتحمل موظفيها الذين أرسلتهم هي مسؤولية إساءة التصرف , وتتبرّأ من الأمر , كما وصف الله الشيطان بقوله في سورة (الحشر / ٥٩ مصحف / ١٠١ نزول) :

{ {

كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} .

وتنطلي الخديعة على الجماهير التي ليس لها بصر بألاعيب السياسة فتشحن قلوبها بالضغينة على هؤلاء الموظفين , ومع تكرار مثل هذه الحوادث تنصب النقمة على جميع سكان البلد الذي ينسب إليه هؤلاء الموظفون , ومع الزمن يتولد بين رعايا البلدين حقد موروث , أو شقاق مستحكم , يجني المستعمرون منه ثمرة الاستقرار والسيادة على الأجزاء المتفرقة , التي قذفوا بينها عوامل العداء والشقاق.

ومن أمثلة ذلك ما كان يفعله الاستعمار الإنكليزي , إذ يأمر بعض

<<  <   >  >>