فقد واجه اليهود الإسلام والمسلمين في المدينة بألوان مختلفات، وأشكال شتى، من وسائل الكيد للتأثير على الإسلام بغية التحريف فيه، وللتأثير على مشركي العرب بغية صدهم عن الدخول في الإسلام، وللتأثير على المسلمين بغية إخراجهم وتشجيعهم على الردة عنه.
واستخدموا وسيلة النفاق ضمن وسائلهم الكثيرة، ولكن الله عز وجل حمى دينه ورسوله والمسلمين من مكايدهم، مدة عصر الرسول، ومدة خلافة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - حتى سقط عمر صريع اغتيال كان للمكر اليهودي أصابع خبيثة خفيّة فيه.
ثم كان لهم في المسلمين عبر تاريخهم حتى عصرنا هذا مكايد كثيرة، من مكايد الغزو الفكري، ظهرت في مؤامرات المنافق اليهودي "عبد الله بن سبأ" التي نجم عنها ظهور فرق الشيعة الغلاة، وأشنعهم الذين ألَّهوا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ثم ظهرت في مؤامرات المنافق اليهودي "ميمون بن ديصان القَدَّاح" التي نجم عنها ظهور فرق الباطنية على اختلاف نزغاتها، وما كان من عصاباتهم من كيد ضدّ الإسلام والمسلمين الذي اكتوى المسلمون بناره طوال قرون. ثم ظهرت في مكايد يهود "الدونمة" ضد السلطنة العثمانية الإسلامية وضد المسلمين عامة. ثم ظهرت في مؤسسي الشيوعية في بلدان العالم الإسلامي، وناشري المذاهب الفكرية المعاصرة الرامية إلى هدم الدين والأخلاق والشرائع والنظم الاجتماعية الحسنة.
ومع المكر اليهودي التقى المكر المجوسي منذ القرن الأول الهجري، ومع ظهور الإسلام وانتشاره ضعف مكر المجوس، ولم يبق منه إلا مسائل فكرية مندسة، في بعض أصحاب الأهواء من الفرق المنحرفة المنتمية إلى الإسلام والمسلمين.
وكان للنصارى تحركات في الغزو الفكري المندس منذ فجر الإسلام، إلا أنها لم تكن ذات أثر قوي ظاهر، حتى قامت الحروب الصليبية، وباءت بالخيبة، وبدأ مفكروهم يخطّطون لتنصير العالم الإسلامي، أو صرفه عن الإسلام ولو إلى الإلحاد والكفر بكل دين.