للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي سنة (١٨٩٣م) ألقى في نادي الأزبكية محاضرة بعنوان: "لم لم توجد قوة الاختراع لدى المصريين الآن".

وقد ضمَّن هذه المحاضرة الدعوة الملحة إلى الكتابة بالعامية، وهجر العربية الفصحى، ونشر هذه المحاضرة بالعربية في مجلة الأزهر، إذ كانت هذه المجلة تحت إشرافه، باعتباره ممثلاً لقوة الاحتلال الأجنبية.

وهذه المحاضرة تدور حول ربط انحطاط قوة الاختراع والابتكار في العصور المتأخرة عند العرب (وهو يخاطب في هذا عرب مصر) بسبب اضطرارهم إلى أن يتقيدوا بالعربية الفصحى، لدى الكتابة والتأليف، وأنهم متى كسروا هذا الحاجز، وصاروا يكتبون وينشرون باللغة العامية الشائعة نمت عندهم من جديد قوة الاختراع والإبداع.

وقد يبدو هذا الرابط غريباً، ولكنه استطاع أن يزور له سفسطة ينخدع بها أحداث الأحلام، ويجد الأجراء فيها مجالاً للبحث وتزويق الألفاظ، ولذلك حاولوا أن يروجوا لها في بعض صحفهم ومجلاتهم.

إنه ربط انحطاط قوة الاختراع والإبداع بتقيد الناس لدى الكتابة والتأليف بالعربية الفصحى، وحاول عن تعمد أن يتجاهل السبب الحقيقي الذي تكمن فيه مشكلة التخلف العام، وهو لا يمتُّ إلى اللغة بصلة ما، وإنما يرجع إلى أحاول اجتماعية كثيرة، أهمها الجهل العام، وانتشار الأمية، وانصراف الناس للسعي وراء لقمة العيش، وانشغالهم بالملذات المؤقتة، وتكالب أعدائهم عليهم، إذ أخذوا يفرضون عليهم ظروف التخلف بشكل مباشر أو غير مباشر، وكان من نتائج تراكب عوامل التخلف عليهم حملهم على السير في الطرق المتعرجة المنحدرة، بقوى متسارعة تتنامى كلما زادت نسبة الانحدار بعيداً عن مركز الانطلاق الكريم.

ويتضح من محاضرة "ولكوكس" أن هدفه من الدعوة إلى العامية هو القضاء على العربية الفصحى، ليحرم المسلمين من تراثهم العظيم

<<  <   >  >>