للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الديني والعلمي والأدبي، تنفيذاً للخطة الماكرة التي تهدف إلى طعن الإسلام في الصميم.

وفي سنة (١٩٢٦م) نشر "ولكوكس" رسالة بعنوان: "سورية ومصر وشمال إفريقية ومالطة تتكلم البونية لا العربية".

وهذه الرسالة تدور حول مزاعم تحايل لإثباتها بأدلة واهية، وتقضي هذه المزاعم بأن اللغات العامية التي ينطق بها أهل الشام وأهل مصر وليبيا والمغرب وتونس والجزائر ومالطة هي اللغة الكنعانية أو الفينيقية، أو البونية السابقة للفتح الإسلاميِّ، ولا صلة لها بالعربية الفصحى، وهدفه من ذلك كهدف زملائه من دعاة هذه الفكرة إثارة العصبيات القومية لهذه اللغات العامية ضد العربية الفصحى، حتى يتشجع سكان هذه البلاد على اتخاذ لغاتهم العامية في كتاباتهم العلمية والأدبية والحقوقية وغيرها، كيما تحلّ محلّ الفصحى، وبتطاول الزمان تزداد الفروق اللغوية بينهم وبين الفصحى، فتنقطع صلتهم بها، وبذلك تنقطع صلتهم بمصادر الدين الإسلامي، كما تزداد الفروق اللغوية بين سكان الأقاليم العربية، ومع دسائس فكرية ونفسية وتاريخية تتأصل عصبيات إقليمية ضيقة الحدود، ثم تتحول هذه العصبيات الإقليمية تدريجياً حتى تكون عصبيات قومية، وعند ذلك يستطيع الغزاة أن يشحنوها بمقدار كبير من العداء والكراهة وعوامل الشقاق.

وقد بلغ العداء في نفس المستشرق "ولكوكس" للعربية الفصحى مبلغه، إذ جعل ينظر إليها وكأنها لغة جوفاء، لا تحمل أي معنى من المعاني لسامعيها، ممن يتحادثون بالعامية، وما هي إلا ألفاظ رنانة فقط، إذ يقول:

"ومن السهل جداً أن ترى في هذه البلاد ذلك التأثير المخدر، الذي تحدثه الألفاظ الرنانة، التي لا تفهم منها لفظة واحدة في نفس السامع، إن سماع مثل هذه الألفاظ يقتل في الذهن كل ابتكار بين أولئك الذين لا يقرأون، كما تقتله أيضاً في نفس الطالب تلك الدروس التي تلقى عليه

<<  <   >  >>