٤- العربية الفصحى، وهي أرقى اللغات وأمثلها بالعلم.
وعلى هذا التحليل العلمي المتين كان ردّ "إبراهيم مصطفى" على خصوم العربية الفصحى، إذن فالذين يحاولون أن يحلو العامية محلها يريدون أن ينحطوا بالأمة العربية في ميدان الحضارة اللغوية، إضافة إلى أغراضهم الأخرى الرامية إلى فصل المسلمين عن مصادر الإسلام، وتجزئة الأمة العربية.
أما الحجج الواهية التي يلوكها خصوم العربية الفصحى في محاولتهم إحلال العاميات محلها فلا تستطيع أن تقف في وجه حقيقة اللغة العربية إلا موقف اللص الجبان، الذي يحاول أن يسرق الإنسان من نفسه، ويجعله يتنازل طائعاً عن جزء من كيانه، وعنصر من عناصر قوته. إن حججهم لا تعدو أن تكون مخادعة كلامية لا أساس لها من الحقيقة.
وما مثل خصوم العربية الفصحى إلا كمثل جاسوس قوم معادين محاربين، اندسَّ بين صفوف قوم آمنين مسالمين، وكان لهؤلاء القوم المسالمين ميراث عظيم من قوة الحرب وآلاته، ولكن القليل منهم الذين يحسنون استعمال هذه الآلات العظيمة التي لا يملك العدو نظيرها، فلبس هذا الجاسوس الثعلب المندس فيه ثياب الناصحين، وجعل يطوف بين صفوفهم ويقول: إن هذه الآلات الحربية المخزونة عندكم معقدة وصعبة الاستعمال، والقليل منكم هم الذين يحسنون استعمالها، وإنكم إذا تركتكم هذه الآلات الصعبة جانباً، واستعملتم الأسلحة التي يُحسن استعمالها كل فرد فيكم، وهي العصي والسكاكين والحجارة، فإنكم ستتقدمون وتضاهون أعداءكم في قوتهم، لأن كل فرد منكم سيساهم في عمل من أعمال الدفاع على قدر استطاعته، وسينبغ بذلك فيكم أفذاذ قوة وأبطال شجاعة، وبهذه الطريقة ستتهيأ للجميع فرصة الاشتراك في إحراز التقدم، وإني ناصح لكم.
ثم أخذ هذا العدو المندس يكرر هذا الكلام، ويعيده مرة تلو المرة، ويقلبه على عدة وجوه.
فهل يقبل كلامه هذا أحدٌ من العقلاء المخلصين لأمتهم؟