فوق كل ذلك قوتهم وصحتهم، حتى يخسروا شبابهم قبل أن يصبحوا شباناً، وكهولتهم قبل أن يبدأوا مرحلة الكهولة.
وكثير من شبابنا الذين تسكرهم أو تخدرهم هذه الأقبية الحمر يظلون غرقى في كنفها حتى تمتص منهم كل مال وقوة، وعندئذ ترميهم في زوايا دروب الحياة كما ترمي نعالها الباليات.
وقد يظن الأولياء المباشرون أو غير المباشرين، أنهم حينما يدفعون أبناءهم وبناتهم في هذه السبل لتحصيل العلم والمعرفة، ويزودونهم بالأموال، ويهيئون لهم سبل الرفاهية، يقدمون لهم خيراً ويجلبون لهم سعادة حاضرة ومستقبلة، ولكنهم مخطؤون في هذا الظن، إنهم يدفعون بهم إلى مزالق الفتنة والفساد.
ولا يعفي الأولياء من المسؤولية أنهم يبذلون الأموال الكثيرة لأبنائهم وبناتهم، وإنهم يقدمون لهم وسائل فسادهم إذا لم يحيطوهم بالصيانة الكافية. إن إمدادهم لهم بالمال الكثير ودفعهم إلى مخططات أعداء الإسلام، من الأمور التي تساعدهم على أن يسلكوا سبل الانحراف والشذوذ وفساد الأخلاق، والانزلاق إلى أودية الكفر، والخروج الكلي من الإسلام، فالمال الوفير في أيدي المراهقين والمراهقات، والشبان والشوابّ يفتح لهم أبواب الفساد ويسهل لهم سبل الشر، ثم إن العلم الخالي من التربية الصحيحة والدين المتين والصيانة المستمرة يزيد عندهم إمكانيات الحيلة والمكر، والتعرف على مداخل الفساد ومخارجه، التي لا يمنعهم عن الدخول فيها إلا رقابة البيئة، والخوف من انتقاد الناس أو الخوف من سخط أوليائهم.
إن هذا المزلق الخطر يتطلب من عقلاء الأمة تأملاً طويلاً، وحزماً شديداً، وتداركاً قبل فوات الأوان، وإلا دهمهم الخطر المحقق، واستفحل عليهم الأمر، ووقعت القوة كلها في أيدي المفسدين، وظفر بالمسلمين أعداؤهم، الذين يعملون دائماً لإفساد أبنائهم وبناتهم وهم في حجورهم، وجعلهم أعداء لهم ولدينهم.
ويدفع كثير من المسلمين أبناءهم إلى أيدي أعدائهم، وينصرفون إلى