الانحدارين الوصُولُ إلى السحيق المليء بالعذاب الأليم، البعيد البعيد عن الطريق الموصل إلى رضوان الله وسعادة الدارين، الدنيا والآخرة، طريق الله الحق الذي يبدأ في دار الدنيا بالعمل الصالح والتزام شريعة الله، وينتهي في الجنة بالجزاء الأوفى عند مليك مقتدر كريم.
وفي نظام الإسلام المتعلق بشؤون المال نجد هذا الصراط الذي حددت شريعة الله جانبيه، وحذرت من تجاوز حدّيه، وأنذرت من تسوِّل له نفسه المعصية والمخالفة بالخسران في الدنيا والعقاب في الآخرة.
وفي المنحدر من وراء يمين هذا الصراط تجد شتى المذاهب الاقتصادية المسماة بالمذاهب الرأسمالية، وفي المنحدر من وراء يسار هذا الصراط نجد شتى المذاهب الاقتصادية المسماة بالمذاهب الاشتراكية.
وليس الإسلام في نظامه شيئاً من هذه ولا من تلك، ولكنه نظام فذ متكامل بذاته، ربما نجد في بعض أجزاء الأنظمة الرأسمالية شبهاً ببعض أجزاء منه، وربما نجد أيضاً في بعض أجزاء الأنظمة الاشتراكية شبهاً ببعض أجزاء منه، ولكنه في مجموعة كائن مستقل نابض بحياة راقية قويمة.
ولست أجد لهذا التشابه الجزئي بينه وبين أجزاء من الأنظمة الأخرى، مثلاً أقرب من التشابه الذي نلاحظه بين الإنسان المخلوق في أحسن تقويم، وبين المخلوقات الأخرى المنحدرة عنه في المرتبة التكوينية انحداراً كبيراً.
فلو أن جماعة من الذئاب المفترسة الغادرة حاولت أن تثبت أنها هي الكائن الأقوم بين الحيوانات، واستغلت قوة بطشها أمام عائلة بشرية ضعيفة منعزلة في طرف غابة الذئاب، وفرضت عليها أن تنضم إلى فصيلة الذئاب، أفيجعلها من فصيلة الذئاب وجود التشابه بين الإنسان والذئب، في أن لكل منهما عينين وأذنين، ولساناً وشفتين؟ أم يظل الإنسان كائناً غير الذئب ولو كان بينهما تشابه في كثير من أجزاء الجسد؟.
إن أحداً لا يمكن أن يقبل هذه الفرية المستندة إلى حجة هذا التشابه الجزئي.