وفي دوامة هذه المغالطات الرامية إلى تشويه حقيقة الإسلام، واصطناع الجو الملائم لتسلل المذاهب المخالفة له إلى صفوف المسلمين، نجد مثلاً في مجموعة المذاهب الاقتصادية المتعارضة في العالم، أن أنصار المذاهب الرأسمالية في البلاد الإسلامية يختبؤون وراء الإسلام ليحميهم من هجمات أنصار المذاهب الاشتراكية، ويدرأ عنهم ضرباتها، بحجة أن الإسلام يعترف بالملكية الفردية ويحميها، ويفسح مجال حرية العمل والكسب والتجارة، ولا يسد أبواب المنافسة الشريفة في تحصيل الثروات، كما أن أنصار المذاهب الاشتراكية يقدمون الإسلام إلى الصف الأول في معركتهم مع أنصار المذاهب الرأسمالية، بحجة أن الإسلام يحتوي على مبادئ اشتراكية تتجه إلى تحقيق العدالة بين الناس.
وبين صراع الرأسماليات والاشتراكيات التي يزج كل منهما بالإسلام في أتون معركتهما، يتلقى الإسلام في بلاد المسلمين معظم الضربات، مع أن الإسلام بريء من الفريقين المتصارعين، وأي منهما انتصر فالإسلام خاسر، وإن صح وجوده في حلبة الصراع فإما أن يكون فريقاً وحده ضد الفريقين معاً، وإما أن يكون حكماً عدلاً يسجل على كل فريق منهما خطأه وصوابه، ويحاول أن يرد كل مخطئ إلى وجه الصواب. ولكن مسكين هذا الحَكَم العدل ذو العقل الراجح الناضج في الجسم واهن ضعيف، لا يقوى على كبح جنون المتصارعين، وقد تآمرت عليه أندية الفريقين ليقوضوا دعائم مدرسته القديمة، التي لو تهيأ لها أن تنهض نهضة حديثة لأخذت بطولة العالم.
مسكين هذا الحَكَم العدل على الأنظمة في العالم، يتَترَّسُ به الرأسماليون في بلاد المسلمين، فيتلقى ضربات الاشتراكيين على الرأسمالية، ويتترس به الاشتراكيون، فيتلقى ضربات الرأسماليين على الاشتراكية.
فمن للإسلام يحمله باسمه الحقيقي، وتطبيقه الحقيقي، حتى يستطيع أن يصرع به سائر الأنظمة في العالم، وينال به كأس البطولة التاريخية، التي لا ينافسها منافس على مر العصور، مع سعادة الدنيا للفرد وللجماعة الإنسانية، وسعادة الأخرى بالظفر برضوان الله والجنة، والنجاة من سخط الله والنار؟؟.
إن الإسلام الرأسمالي وفق مفهوم الرأسماليين إسلام مزيف، أرادوا أن