إنَّ الغزاة المضلين يستخدمون كل ذكائهم، ليقدّموا صغارنا أحداث الأحلام وقوداً في مطبخ السلاح الذي يعدّ, نه للتسلّط على الشعوب الإسلامية، والتحكّم بمصائرها، والانتفاع بخيراتها، في مادية مغرقة، ليس لها غاية إلا إشباع الغرائز الجسدية والنفسية، وتلبية الشهوة العارمة إلى استعباد الناس.
والمتأمل في أسس الإسلام ومبادئه وأحكامه وشرائعه ووسائل تربيته للناس وتوجيههم لفعل الخير وترك الشر، والتحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل، يلاحظ عناصر ثلاثة:
العنصر الأول: الدعوة المثالية، والدفع إلى نشدان الكمال المطلق.
العنصر الثالث: الوسائل المنسجمة مع الخصائص الإنسانية.
وهذا أفضل ما يمكن تصوره في فلسفة ما لهذا الكائن الإنساني، المزوَّد بالعقل المتطلع إلى المثاليات والباحث عنها، والمزوّد بطاقات ماديّة ومعنوية تقف به عند حدودٍ لا يستطيع تجاوزها ولا الزيادة عليها، والمزوّد بغرائز وشهوات تنبح في داخله بإلحاح لتحقيق مطالبها.
وأية فلسفة تحاول إصلاح هذا الكائن المركب من هذه العناصر الثلاثة على أساس تلبية واحد منها فقط، أو اثنين، وإهمال سائرها، فإنها فلسفة محكومة عليها بالفشل الذريع، وستضع الإنسانية في طريق الانحدار المهلك، بدل أن تأخذ بها صاعدة في سلم الكمال الإنساني.
ضمن هذه الفلسفة الإسلامية العظيمة، القائمة على العناصر الثلاثة المذكورة، تدور مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها ووسائل إصلاحها للناس وتهذيبها لأخلاقهم وتقويمها لأنواع سلوكهم في الحياة.
وضمن هذه الفلسفة الراقية استطاع الإسلام أن يقبض على نواصي شعوب مختلفة اللغات، وقوميات متباينة الاتجاهات، عبر أجيال وقرون، واستطاع أن يسير بها متآخية متوادة في طريق السعادة الإنسانية، وأن يدفع بها