وتحذره تحذير حق وصدق من الشقاء الأخروي الشامل للشقاء الروحي في الجانب المثالي، وللشقاء الجسدي الذي هو وسيلة مادية للعذاب الروحي، وهذه هي أفضل الأسس لوسائل الإصلاح المنسجمة مع الخصائص الإنسانية.
الشبهة الثانية: اتهام الإسلام بأنه مثالي بعيد عن الواقعية الإنسانية، وظاهر أن هذه الشبهة مناقشة في مضمونها للشبهة الأولى.
ففي مجموعات الشبان المثقفين بالثقافات المادية المعاصرة من أبناء المسلمين الذين يهزهم الوجدان الديني أحياناً، يندس أعداء الإسلام أو أجراؤهم والسائرون في أفلاكهم، فينفثون بينهم سمومهم ضد نظم الإسلام وأحكامه وواقعيتها، فيقولون للتشكيك بالإسلام والتنفير منه:
إن الإسلام تعاليم وأنظمة مثالية غير ممكنة التطبيق، وإن حياة الإنسان الواقعية تستدعي أنظمة وتعاليم واقعية ممكنة التطبيق.
ثم يبنون على هذه المقدمة الكاذبة فيقولون:
وبما أن الإسلام شيء مثالي غير واقعي فإنه غير صالح لأن يكون دستور حياة الناس، وما على الأجيال المسلمة إلا أن تسعى وراء أنظمة وضعية واقعية، مستفادة من التجارب والاختبارات الإنسانية.
هذا ما يقولون، ومن هذا المدخل القائم على المغالطة والكذب يحيكون نسيجاً إقناعياً، يضللون به فريقاً من أبناء المسلمين، ومما يساعد على تمكن هذا النسيج الإقناعي في نفوس هؤلاء انعدام الصورة التطبيقية الكاملة لنظم الإسلام في مجتمعات المسلمين اليوم.
وفي كشف موجز للتضليل الذي اشتملت عليه هذه الشبهة، نلفت النظر إلى أن من الأمور البدهية في الشريعة الإسلامية، أن الإسلام مثالي الغاية واقعي التطبيق، فهو لدى توجيه المسلمين إلى تحديد الأهداف والغايات من صور سلوكهم في الحياة يسمو بهم إلى الغايات المثالية، التي ترتقي بالوجدان الإنساني إلى كماله، دون أن يؤثر هذا الارتقاء الوجداني أي تأثير معوق في