للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذكر فقرات ثلاث كل واحدة منها تلائم صنفاً من هؤلاء الأصناف، وهي قوله تعالى: {وفي الآخرة عذاب شديد، ومغفرة من الله، ورضوان".

فالكافرون الغارقون في متاع الحياة الدنيا الظالمون لأنفسهم يلوِّح لهم بالعذاب الشديد، والمؤمنون الملفّقون الذين يخلطون عملاً صالحاً وآخر سيئاً يلوِّح لهم بالمغفرة من الله، والمتقون والسابقون بالخيرات يلوِّح لهم بمنزلة الرضوان من الله.

وفي سلم الكمال الصاعد إلى مغفرة الله ورضوانه يتنافس المتنافسون من المؤمنين المتقين، وفي درك الهبوط إلى عذاب الله الشديد وسخطه يتهاوى المتكالبون على الدنيا وزينتها بمعصية الله ومخالفة أوامره ونواهيه، ويقال لمن كفر منهم يوم القيامة ما جاء في قول الله تعالى في سورة (الأحقاف/٤٦ مصحف/٦٦ نزول) :

{

وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ}

منهج الاعتدال:

مما سبق يتضح لنا أن منهج الإسلام هو منهج الاعتدال، ويكون بإعطاء كل ذي حقٍ حقّه، فللجسد حقوقه في الحياة، وللروح حقوقها، ولا إفراط ولا تفريط، ولا تعارض بين حظوظ الدنيا المشروعة وطلب حظوظ الآخرة العظيمة، فحظوظ الآخرة تطلب بابتغاء مرضاة الله في أعمال الحياة الدنيا، وطلب ما أباح الله من زينة الحياة الدنيا لا يتنافى مع ابتغاء مرضاة الله.

وبين زينة الحياة الدنيا وشهوات الأنفس المشرئبة إليها تقف حدود الله ومدركات العقل وضوابط الإرادة، لكبح جماح الشهوات عن الإفراط الذي يسوق الإنسان إلى الضرّ والأذى ومعصية الله بفعل ما نهى الله عنه أو بترك ما أمر به.

وتقف حدود الله ومدركات العقل لضبط إرادة الإنسان عن التفريط بحقوق النفس والجسد، حتى لا يقسو الإنسان عليها فيحرمهما مما أباحه الله

<<  <   >  >>