واحدة أضع بين يدي القارئ تعريف موجزاً بأسس العبادات في الإسلام، وبياناً مختصراً جداً لمفاهيمها العامة.
يلاحظ الباحث المتأمل أشكال العبادات التي شرعها الله للناس في الإسلام فيراها نموذجاً فريداً رائعاً، مطابقاً لجوانب الحكمة الفكرية والنفسية والاجتماعية ذات الفلسفة الراقية، الملائمة لواقع الناس في حياتهم الدنيا.
إن الحكمة الإسلامية في جانب العبادات قائمة على مجموعة من الأسس الفكرية العظيمة، يتضح لنا منها الأسس التالية:
الأساس الأول: الإنسان مخلوق لله وحده، ومن واجب هذا المخلوق أن يعترف لخالقه بالربوبية، وأن يعبده وحده لا يشرك بعبادته أحداً، ذلك لأن جميع ما في الكون مخلوق لله، فلا يستحق شيء منه أن يتقرب إليه بأي شكل من أشكال العبادة، فأي يتقرب إلى غير الله بأي لون من ألوان العبادات هو شرك بالله سبحانه.
الأساس الثاني: حقيقة العبادة الخضوع القلبي والفكري والنفسي لله تعالى، والاعتراف له بالعظمة والجلال، والإقرار له بكمال الربوبية والألوهية، والالتجاء إليه في كل مطلب، والثناء عليه بما يليق بجلاله، وشكره على نعمائه.
لكن طبيعة الحياة المادية للإنسان، تستدعي بحسب ظروفه المعاشية، أن يعبر عن هذه العبادة القلبية والفكرية والنفسية بصيغ مادية، تدل بصورتها الظاهرة على ما يعتمل في داخل الإنسان من معاني العبادة الحقة، لأنه يعسر على كل إنسان أن يستجمع معاني العبادة الحقيقية في داخله من غير أن يغلف ذلك بعمل مادي. لذلك كان لا بد للإنسان من أن يتجه في عبادته لربه اتجاهاً مادياً يعبر به عما في قلبه وفكره ونفسه من معاني العبادة.
الأساس الثالث: متى فقدت العبادة المادية جانبها الداخلي في الإنسان