لم يكن الناس قبل الإسلام يخضعون لتكليفٍ مالي إلزامي محدد النسبة لصالح الكفالة الاجتماعية يُلزم به الواجدون، ويُعفى منه المقلون، وتُسدُّ منه حاجات الفقراء والمساكين، تتولى الدولة جبايته وتوزيعه على أصحاب الحقوق فيه بالحق والعدل، وتعاقب الفرد الممتنع عن أدائه بالجزاءات المالية وغيرها، وتقاتل الجماعات المتفقة المتواطئة على منعه قتالاً شرعياً حتى يؤدوه حق أدائه.
هذا النظام هو نظام الزكاة، أو نظام الصدقة الواجبة في الإسلام.
ويحاول الأعداء الغزاة من شرقيين وغربيين وأجراؤهم توجيه الطعن لهذا النظام الرائع، على زعم منه أنه نوع من الإحسان الذي يرافقه إهانة لكرامة الإنسان المحتاج، ومنّة عليه، ويزعمون أنهم يريدون أن لا يجعلوا الإنسان في مقام الذلة والمهانة أمام إنسانٍ آخر يقدم له صدقة ماله.
والشبهة التي يستندون إليها هي أن الزكاة المفروضة يد مِنّة يقدمها الأغنياء للفقراء.
وردّ هذه الشبهة بسيط جداً، إذ أن الحقيقة التي بني عليها هذا النظام من أنظمة الإسلام على خلاف ما يموِّهون به، ويلقون فيه الشبهة، وتحليل ذلك فيما يلي:
لقد سمّى الإسلام هذا النظام، وسماه صدقة، ومعنى الزكاة التطهير والنماء، فإذا طهّر ذو المال ماله فأخرج منه الحقوق المخصصة فيه لغيره لم