ويقولون: إن دفع زكاة الأموال إلى الفقراء على شكل معونات يورثهم داء الكسل والبطالة. والاتكال على أموال الصدقات، ويعلمهم التسول التطلع باستمرار إلى ما في أيدي الناس، وبمثل هذا الكلام يؤثّرون على فريق ممن يلقون إليهم السمع من أبناء المسلمين، مع أنه يتضمن شبهة ناشئة عن مفاهمي خاطئة لأصل نظام الزكاة في الإسلام.
إن الباحث المتأمل في هذا النظام الرائع يلاحظ أن صندوق المال الخاص بالزكاة والذي تشرف عليه الدولة الإسلامية إشرافاً كاملاً، جباية ومصرفاً، ضمن الأسس التي قررتها الشريعة الإسلامية، ليس من المتحتم فيه أن يكون صرفه على المستحقين ذا وجه واحد، هو دفع الأموال العينية النقدية لهم، فللدولة الإسلامية أن ترده على المستحقين بأية وسيلة تراها أنفع وأجدى وأكرم لنفوسهم، وأبعد عن تعليمهم الكسل والبطالة، وأقرب لاستثمار جهد كل قادر على العمل من المستحقين.
فإذا كانت المشكلة الكبرى للفقر ناشئة عن البطالة وعدم توافر العمل للقادرين عليه، كان من حق الدولة الإسلامية أن تؤسس من أموال صندوق الزكاة مشاريع عمل تعود أرباحها لهذا الصندوق، وتمتص القادرين على العمل من الفقراء والمساكين بحسب اختلاف مستوياتهم وكفاءاتهم، كمؤسسات صناعية أو زراعية أو تجارية أو غيرها.
ولتهيئة العمل للقادرين عليه صور شتى تتطور بحسب تطور العصور، منها مساعدة صاحب مهارة صناعية، حتى يفتتح لنفسه مركز عمل يكتسب منه رزقه ورزق أسرته، ومنها مساعدة صاحب قدرة على البيع والشراء، حتى يؤسس لنفسه متجراً يحسن إدارته والاكتساب عن طريقه، ومنها مساعدة