فيه معاني كل الكتب المنزَّلة على الرسل، وفيه أخبار أولئك الرسل مع أقوامهم، وفيه المثلات المرشدة، والعظات الموجهة، وفيه أعلى الآداب الإنسانية وأقوم السلوم الكامل للخلق أجمعين، وفيه تعليم الإنسان الاتجاه إلى الكون وتعرف ما فيه، والأخذ بالعلم من قوادمه وخوافيه، وفيه الدعوة إلى العلم بكل ضروبه؛ علم الإنسان، وعلم النفس، وعلم الكون، وإلى العلم بالنجوم في مسالكها، والسماوات وأفلاكها، والأرض في طبقاتها، فيه الدعوة إلى العلم بما لم يعلم، وطلبه فيكل مداراته.
خاطب الله تعالى به أولياءه فعرفوه، وأصحاب العقول المستقيمة فأدركوه، وكان حقًّا كما قال تعالى:{وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا}[الرعد: ٣١] . ذلك هو كتاب الله تعالى بما حمل من معان وتكليف، وما كساه الله تعالى به من روعة وتشريف، وهو كما وصفه الله تعالى بقوله:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الزمر: ٢٣] .