وإنَّ النصوص القرآنية تدل على وحدة الإنسانية في خلقها وأصلها، فالله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء: ١] .
فالرحم بين بني الإنسان موصولة، وإذا كانت الألوان مختلفة والألسنة مختلفة، والأجناس متباينة، فإن الأصل واحد، ويجب أن تكون العلاقات مبنية على الأصل الموحد، لا على التخالف الظاهر، ويجب أن تبنى الأمور على الجذع لا على الغصون المتفرعة.
ولقد حدَّ الله تعالى في كتابه الكريم حدود العلاقة الإنسانية، فقال -سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: ١٣] .
فبهذا النص يبيِّن القرآن الكريم أنَّ العلاقة التي يجب أن تكون السائدة هي التعارف، والتعارف تكون معه المودة والتعاون وإقرار السلام وإحياء التراحم.
٢٢٤- وإذا كان التعارف هو الأصل الجامع للشعوب والقبائل والأجناس، فالإسلام لازم من لوازمه، هو الأساس لكل تعارف، فلا تعارف يوجب المودة مع الخصام والتناحر، والتحارب.
ولذلك كان الأصل في علاقات الدول بعضها مع بعض أو بعبارة أدق العلاقة بين المسلمين وغيرهم في السلم لا الحرب، فالمسلم ينظر إلى من يخالفه نظرة الود الراحم، لا العداوة القاطعة، ولذلك يقو -سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا