٢١٦- اشتمل القرآن الكريم على بيان الحلال والحرام في الأموال وطرق كسبها، لكن بيانها كان إجماليًّا ولم يكن تفصيليًّا كالأسرة؛ لأن المعاملات مختلفة في تفصيلها وطرقها، ويجمع أحكامها قواعد عامة تعرض القرآن لبيانها، وذكر النبي -صلى الله تعالى عليه وسلم- بيانه فيها.
وأوّل ما أمر به القرآن بالنسبة للمعاملات عدم أكل اأموال الناس من غير أساس من التعامل المشروع أو الإنتاج مما أخرجت، ومن التحويل في الصناعات المختلفة، فقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[النساء: ٢٩] .
وإن هذا النص يدل على أمور ثلاثة:
أولها: النهي عن أكل مال الناس بالباطل، أي: بغير حق موجب.
وثانيها: أنَّ أكل الناس بالباطل وشيوعه مثل شيوع الرشا والربا، وغيرهم من المعاملات الفاسدة التي تتضمَّن في ذاتها أكل الأموال بالباطل يؤدي إلى ضياع قوة الأمة، وتقل روح التعاون في الجماعات، ولذا كان قوله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} .
ولقد صرَّح القرآن الكريم بالنهي عن الرشوة، وخصوصًا رشوة الحاكم التي تذهب بالثقة، وتفسد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وتجعل أمور الناس فوضى، فقد قال تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة: ١٨٨] .