للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- تصريف البيان:

٧١- تختلف مناهج البلغاء كُتَّابًا وشعراءً، كل يجيد منهاجًا معينًا ويمتاز فيه، ويكون من الأوساط في غيره أثر دون الأوساط، فمنهم من يجيد الوصف، ويحكي الأشياء لقارئه كأنه يراها، ومنهم من يجيد القول الوعر العنيف، ولا يكون منه السهل الميسّر، ومنهم من يجيد شعر الغزل ولا يجيد غيره، ومنهم من يجيد القول الساخر، ولا يجيد القول الجاد، كما نرى في بعض كتاب العصر، ومنهم من يجيد الكتابة في السياسة، فإذا كتب في غيرها هان وابتذل، ومنهم من يجيد الكتابة في التحليل وإثارة التأمل، وهكذا، وقلَّ من يجيد الدخول إلى الكلام البليغ في أكثر من باب أو بابين، ويكونان متآخيين غير متناقضين.

أما القرآن المعجز الذي هو فوق قدرة البشر، فإنَّ البلاغة فيه في كل أبواب القول، وهي في كل باب تعلو علوًّا كبيرًا عن المجيدين في هذا الباب وحده، ولذلك كان تصريف القول فيه من تهديد وإنذار وتبشير، وإثارة للتأمل، ودعوة للتفكير في آيات

<<  <   >  >>