٣٨- نقصد بوجوه الإعجاز الأمور التي اشتمل عليها القرآن، وهي تدل على أنه من عند الله، وما كان في استطاعة أحد أن يأتي بمثله، وما كان في استطاعة الجن والإنس أن يأتوا بمثله، ولنَتَّجِه إلى أقوال العلماء في هذه الوجوه؛ ثم نتجه بعد ذلك إلى بيان ما نقصد إلى بيانه من بحثنا هذا الذي نضرع إلى الله أن يمن علينا بالتوفيق فيه كما منَّ علينا من قبل، فنحن نعيش فيما نكتب، ونبحث تحت فيض الله تعالى وتوفيقه، ولولا توفيقه -سبحانه وتعالى- ما وصلنا إلى شيء.
يعد صاحب الشفاء أوجه الإعجاز في القرآن فيحصرها في أربعة:
أولها: حسن تأليفه، والتئام كلمه، وفصاحته وبلاغته الخارقة لما عند العرب.
وثانيها: صورة نظمه العجيب، والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب، ومناهج نظمها ونثرها الذي جاء عليه، وووفقته عند مقاطع آية، وانتهاء فواصل كلماته، ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له، ولا استطاع أحد مماثلة منه.
وثالثها: ما انطوى عليه من الأخبار بالمغيبات، وما لم يكن ولم يقع، فوجد كما ورد على الوجه الذي أخبر كقوله تعالى:{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}[الفتح: ٢٧] ، وكقوله: {غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى