٢٨- كلف محمد -عليه الصلاة والسلام- أن يستعد للقاء الرسالة الإلهية لينشر التوحيد والخلق المستقيم والعبادة الخالصة لله تعالى بين الناس، وكان تكليفه بالقرآن وأول نزوله، فقال له جل جلاله:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق: ١-٥] .
تقدم محمد للدعوة إلى ربه معتمدًا على أمرين بعد تأييد الله تعالى له وإعزازه، ومصابرته وأخذهم بالحسنى.
اعتمد أولًا على الحق الذي يدعو إليه، فالحق ذاته قوة لا تعدلها قوة عند النفوس التي لم تتعوج بمفاسد العصبية، أو التقليد المصم عن الحق، فذكر لهم التوحيد، وقد كانوا على إدراك له في الجملة، كما بيَّنَّا عند الكلام في القسم التاريخي عن بقاء بعض المأثورات عن إبراهيم -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتمَّ التسليم.
وكان التنبيه إلى أنَّ الأوثان لا يعقل أن تعبد، وإزالة ما حولها من أوهام، وما علق بها من خرافات ما أنزل الله بها من سلطان، وقد بَيِّنَ ذلك محمد -صلى الله عليه وسلم- على أكمل وجه.