فهو موت ذليل فيه خسة الذل وقتل النخوة، أما الموت في سبيل الكرامة فهو موت عزيز كريم، ورحم الله الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده إذ يقول:"إن موتًا في سبيل الحق هو عين البقاء، وحياة في ذلك هي عين الفناء".
رابعًا: إنَّ القوة تكون للقوي بتمكين الله تعالى وبمشيئته، وذلك بأن يهيئ الأسباب ليستبدلوا بضعفهم قوة فيمنحهم الأمن، وذلك بأن يجعلهم يشعرون بأنهم سادة، وليسوا عبيدًا، وهذا يتضمَّنه التعبير بقوله تعالى:{وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّة} ، أي: يجعلهم مسيطرين على أنفسهم، كما نوَّهنا فيما ذكرنا من قوله تعالى، كما منَّ الله تعالى على بني إسرائيل إذ جعلهم مالكين لأنفسهم مسيطرين على أمورهم؛ إذ قال تعالى:{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْم اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}[المائدة: ٢٠] ، ومعنى جعلهم ملوكًا أنَّه -سبحانه وتعالى- جعلهم أحرارًا يملكون شئون أنفسهم، ويتولون أمورهم لا مسيطر يسيطر عليهم.
هذه نظرات إلى النص القرآني الكريم في بعض شأن فرعون ومآله، ومن يجري في حكم شعبه على طريقته، ويتحكم في الرقاب تحكمه، ونجد فيه جمال اللفظ، وجمال القصص، والألفاظ التي تشع منها المعاني كأنَّها الضياء المتلألئ، والماء العذب النمير الذي ينساب في النفس المؤمنة، والله سبحانه هو العلي الحكيم، وكلامه هو النور المبين الهادي إلى رب العالمين.