ذكر الله تعالى الحقائق الإسلامية في القصص، فلم يكن عبرة فقط، بل كان بيانًا لحقائق الإسلام، فنجد فيه بيانًا لعقيدة التوحيد، والبرهان عليها جاء في سياق القصص عن النبيين السابقين، فقد رأيت في قصص سيدنا إبراهيم -عليه السلام- كيف كانت الدعوة إلى التوحيد، وكيف أبطل عبادة الوثان بأنها لا تضر ولا تنفع، وأنه جعلها جذاذًا إلا كبيرًا لهم، وأنهم أرادوا عقوبته بالحرق بالنار، فجعلها الله تعالى بردًا وسلامًا على إبراهيم.
واقرأ بعض القصص عن سيدنا نوح الأب الثاني للبشر، ترى الأدلة على التوحيد بأن نجد في بعضها أدلة التوحيد تساق للضالين، ويوجه أنظارهم إلى الكون وما فيه فقد قال تعالى:
ألم تر في هذه النصوص السامية تسلية واضحة للنبي -صلى الله عليه وسلم؛ إذ فيها بيان ما لقيه نوح، وكيف كانت الأدلة القاطعة لا تزيدهم إلا نفورًا من الحق وفرارًا من أتباعه، وإصرارًا على الباطل، وفي كل ذلك عزاء للنبي -صلى الله عليه وسلم؛ لئلَّا تذهب نفسه حسرات على كفر الكافرين وجحودهم بعد الأدلة القاطعة.
ومع هذا العزاء الروحي، والعبرة التي تريح الدعاة إلى الحق، نجد في السياق البرهنة على التوحيد، وأن الله تعالى وحده هو الخالق، وأنه بالتالي المستحق للعبادة وحده، فلا معبود سواه.
وسوق الأدلة على التوحيد في سياق قصة يجعله يسري إلى النفس من غير مقاومة، وتكراره يجعله يخط في النفس خطوطًا، وتتعمق الخطوط فيكون الإيمان.