وترى من هذا النص الكريم بيانًا للأحكام الشرعية الخاصة بالقصاص في تفصيل محكم مستقر مقنع، فهو يجعل القصاص في الأطراف، كما هو ثابت في النفس، بل إنه يثبت القصاص في الجروح، ويوثق الأحكام بأنها نفذت في الإنجيل؛ إذ جاء الإنجيل مصدقًا لما بين يديه من التوراة، ويوثقها بأن القرآن مصدق لما جاء في التوراة، ولكن له هيمنة وسلطا، يبقي ما يبقي، وينسخ ما ينسخ، وما يثبت أنه نسخ من أحكامها فهو منسوخ؛ لأن له الهيمنة الكاملة.
وفي القصاص الشريعة باقية، وفي التوراة كما هو في القرآن جواز العفو عن القصاص؛ إذ يقول سبحانه:{فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه} ، والقصاص ثبت بالقرآن، فالله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: ١٧٨، ١٧٩] .
وهكذا نجد ذكر الأحكام الثابتة التي لم يعترها تغيير ونسخ بطريق القصص نوع من تصريف البيان وتثبيت الأحكام.