متفاوت، بل هو نهاية البلاغة، فعلمنا بذلك أنه مما لا يقدر عليه البشر؛ لأنَّ الذي يقدرون عليه قد بيَّنَّا فيه التفاوت الكثير عند التكرار وعند تباين الوجوه".
ونرى من هذا أنَّ الإجماع على أنَّ القرآن كتاب الله لا تتفاوت عباراته١؛ لأنه من عند الله الذي لا تفاوت بين الأشياء عنده، ولا فرق في البلاغة بين ما كانت الحقائق فيه تذكرة مجرَّدة عن التشبيه والمجاز.
هذا آية من آيات الأحكام لم يستعمل فيها المجاز ولا التشبيه، ومع ذلك هي بالغة من البلاغة حدَّ الإعجاز القرآني، فالتآخي بين الألفاظ والمعاني ثابت، حتى إنَّ كل كلمة فيها حكم تومئ إلى التي تليها، مع بيان الحكمة الشرعية، والتعيل لبيان المحرمات التي حرمها، وكانت حلالًا في الجاهلية في زعمهم؛ كزواج من كانت زوجة لأصل من أصوله، وابتدأ بها سبحانه لِمَا لها من خطر وشأن، إذ يتبين تحريم ما أحلُّوا بزعمهم، وما يبتدأ به الكلام يكون قوي التأثير، وقد وصفه سبحانه بأنه فحش في الواقع؛ لأنه أمر غير مألوف في الطبائع السليمة، والأخلاق الكريمة، وأنه ممقوت عند الناس لا يفعله رجل يألفه الناس بل يمقتونه، ولذلك كان يسمَّى عند العرب "نكاح