والى المدينة مروان بن الحكم، ومهما يكن اختلاف الرواية في تاريخ وفاتها، فإنَّ عثمان -رضي الله عنه- قد قرَّر أن يحرق بعد وفاتها.
وهنا يسأل المؤرّخ: إذا حرق عثمان المصاحف الأخرى لما أثارته من فتنة، ولأنه كان فيها حروف أخرى غير حرف قريش، فلماذا قرر حرق المصحف الذي عند حفصة، وقد كان إمام مصحفه، والمرجع الذي وزن به صحة ما كتب في عهده، حتى إنه قيل: إن المصحف الذي كتب في عهده قد نسخ منه نسخًا؟
ونقول في الجواب عن ذلك: إنَّ المصحف أودع حفصة -رضي الله عنها وعن أبيها؛ لأنَّها كانت حريصة على أن يبقى عندها، وما أراد الرجل الطيب عثمان أن يحرمها مما أرادت، فأعاده إليها، ولكنَّه الحريص على القرآن خشي أن يقع في يد أحد، فيمحو فيه ويثبث، ويقول: قد غيَّر ما عندكم، وها هو ذا الأصل، فاحتكموا إليه، ويكون صالحًا للاحتكام، فأمر أن يحرق بعد وفاتها، وما أبقاه عندها في حياتها إلا مرضاة لها، فاحتاط للقرآن، وما أعنتها -رضي الله تعالى- عن ذي النورين بما صنع -وأكرمه في مثواه ورضي عنه وأرضاه.