ولأن الإسلام يريد مجتمعًا فاضلًا طاهرًا، لا تشيع فيه الفاحشة، أباح تعدد الزوجات إلى أربع فقط، وقد كان من قبله إلى غير عدد محدود، كما ذكرت التوراة، فقال تعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}[النساء: ٣] .
وشرط إباحة الزواج في الأحوال كلها العدالة، سواء أكان الزواج الأول أم الزواج الثاني، ولقد أجمع الفقهاء على أنَّ من تأكَّد أنه سيظلم امرأته إن تزوج يكون آثمًا؛ لأن الزواج حينئذ يكون موصولًا للظلم فيأخذ حكمه، ولكنّ الزواج لا يبطل، وليس للحاكم أن يقرِّر بطلانه، أو يمنعه، لكن إذا وقع الظلم بالفعل كان للقاضي أن يفرق بينهما إن طلبت الزوجة ذلك، وذلك لمقام النهي في قوله تعالى:{وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}[النساء: ١٩] .
١٩١- والإسلام إذ جعل دعامة العلاقات الاجتماعية الأسرة فقد دعمها القرآن بوصاياه الحكيمة التي يأثم كل الإثم من خالفها، وتجانف لإثم في العلاقة الزوجية:
أولًا: أمر الأزواج بالعدل وحسن المودة، والعشرة الطيبة التي تقرب القلوب وتدنيها، ولا تنفرها وتجنبها، فقال تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}[النساء: ١٩] .
وقال تعالى:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}[البقرة: ٢٣١] وقد تلونا ذلك آنفًا.