فما كان الإسلام ليستبيح دماء المخالفين لأجل المخالفة، بل يستبيحها لأنهم استباحوا دم أهله، ولأنهم أرادوا حمل المؤمنين على تغيير دينهم، وفتنوهم في ذلك، والفتنة كما قال تعالى أشد من القتل.
٢٢٥- ولأنَّ الإسلام في مشروعية الحرب هو دفع الاعتداء، والفتنة في الدين، فإن الإسلام أباح الهدنة إذا أرادها المخالفون، وحسنها، ودعا إليها، وقال تعالى في ذلك وقد أذن بالقتال العام:
وفرض الإسلام هدنة إجباريّة على المسلمين إنِ التزم بها المخالفون، وهي ألَّا يكون قتال في الأشهر الحرم، وهي ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب الذي بين جمادى وشعبان.
وأوجب ألَّا يبتدئ فيها المسلمون قتالًا إلَّا أن يكون امتدادًا لقتال والسكوت يضر، ولقد قال تعالى في ذلك:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}[التوبة: ٣٦] .
ولا قتال في الأشهر الحرم، ما دام المخالفون يحترموا، فإن انتهكوها فلا يصح لأهل الإيمان أن يظلموا فيهنَّ أنفسهم، ويقول -سبحانه وتعالى- في ذلك: {الشَّهْرُ