للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين قَالَ اللَّه- سُبْحَانَهُ- مَا كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا ... إلى آخر الآية «١»

وقالت اليهود والنصارى: كان إِبْرَاهِيم والأنبياء عَلَى ديننا، فَقَالَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد كان إِبْرَاهِيم يحج البيت وأنتم تعلمون ذَلِكَ فلم تكفرون بآيات اللَّه يعني بالحج

فذلك قوله- سُبْحَانَهُ- «قُلْ صَدَقَ اللَّهُ» فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً يعنى حاجا وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ- ٩٥- يَقُولُ لَمْ يَكُنْ يهوديا وَلا نصرانيا.

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ يعني أول مَسْجِد وُضِعَ لِلنَّاسِ يعني للمؤمنين لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وإنما سمي بكة لأنه يبك الناس بعضهم بعضا فِي الطواف. ومباركا فِيهِ البركة: مغفرة للذنوب وَهُدىً لِلْعالَمِينَ- ٩٦- يعني الْمُؤْمِنِين من الضلالة لمن صلى فِيهِ. وضلالة لمن صلى قبل بيت المَقْدِس. وذلك أن الْمُسْلِمِين واليهود اختصموا فِي أمر القبلة. فَقَالَ المسلمون: القبلة الكعبة. وقالت اليهود:

القبلة بيت المَقْدِس. فأنزل اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- أن الكعبة أول مَسْجِد كان فِي الأرض، والبيت قبلة لأهل المسجد الحرام، والحرم كله قبلة الأرض ثُمّ قَالَ- عَزَّ وجل- فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ يعني علامة واضحة أثر مقام إِبْرَاهِيم- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ دَخَلَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة كانَ آمِناً حَتَّى يَخْرُج منه وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ يعني الْمُؤْمِنِين حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا يعنى [٥٩ أ] بالاستطاعة الزاد والراحلة وَمَنْ كَفَرَ من أَهْل الأديان بالبيت وَلَم يحج واجبا، فقد كفر. فذلك قوله- سُبْحَانَهُ-: «وَمَنْ كَفَرَ» فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ- ٩٧- قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ يعنى بالقرآن «٢» وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ- ٩٨- قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ يعنى


(١) سورة آل عمران: ٦٧ وتمامها مَا كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
(٢) فى أ: يعنى القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>