للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ١- كلمة انصاف لمقاتل المتكلم

انفردت كتب الفرق بنسبتها الى مقاتل القول «بان الله لحم ودم ... » ولم يرد ذلك فى تفسير مقاتل مطلقا.

وما صحت نسبته اليه من التجسيم والتشبيه فى الاستواء، والفوقية، وصفة العرش والكرسي، واليمين والساق- اقوال يشترك فيها مقاتل مع بعض السلف.

بقي قوله باللحم والدم. وقد كانت بعض هذه الكتب تروى كلام خصومها بشيء من التحامل وربما أضافت الى الرجل ما لم يقله. رغبة فى تنفير الناس من معتقده السيئ، مما حمل السكسكي فى برهانه على ان يذهب الى ان مقاتل بن سليمان المفسر غير مقاتل بن سليمان القائل باللحم والدم «١» .

غير ان الكوثرى خالفه وقال انهما شخص واحد «٢» .

وبعض أئمة الكلام ومؤرخى الفرق اثنوا على مقاتل واعتبروه أساسا وركيزة لدفع الزيغ والإلحاد.

فالشهرستاني جعل مقاتلا من أئمة السلف. وقرنه بالإمام مالك بن انس حيث قال:

(ان السلف من اصحاب الحديث لما رأوا توغل المعتزلة فى علم الله ومخالفة السنة التي عهدوها من الائمة الراشدين. ونصرهم جماعة من بنى أمية على قولهم بالقدر، وجماعة من خلفاء بنى العباس على قولهم بنفي الصفات وخلق القرآن تحيروا فى تقرير مذهب اهل السنة والجماعة فى متشابهات آيات الكتاب واخبار النبي صلى الله عليه وسلم.

فاما احمد بن حنبل وداود بن على الاصفهانى وجماعة من أئمة السلف- فجروا على منهاج السلف المتقدمين عليهم من اصحاب الحديث مثل مالك بن انس ومقاتل ابن سليمان وسلكوا طريق السلامة فقالوا نؤمن بما ورد به الكتاب والسنة، ولا نتعرض للتأويل بعد ان نعلم قطعا ان الله عز وجل لا يشبه شيئا من المخلوقات وان كل ما تمثل فى الوهم فانه خالقه ومقدره. وكانوا يتحرزون عن التشبيه الى غاية ان قالوا من حرك يده عند قراءته «خلقت بيدي» او أشار بأصابعه عند رواية- قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن- وجب قطع يده وقطع إصبعه) «٣» .


(١، ٢) الفرق بين الفرق: للبغدادي، تحقيق الكوثرى سنة ١٩٤٨ م: ١٣٩ هامش.
(٣) الامام ابو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت سنة ٥٤٨ هـ، الملل والنحل:
١٤٥- ١٤٦. صححه وعلق عليه: احمد فهمي. مطبعة حجازي بالقاهرة سنة ١٩٤٨ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>