للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ٥- تفسير مقاتل فى ضوء هذه المذاهب

كان تفسير مقاتل لبعض آيات الصفات لا يخرج عن هذه المذاهب الثلاثة، ففي تفسيره للوجه جمع بين منهج الخلف والسلف. وفى تفسيره لليد كان سلفيا، وفى تفسيره للعين كان متوسطا «٢٠» .

ولكن مقاتلا خرج على هذه المذاهب الثلاثة وكان مجسما فى تفسيره لاشياء احصيناها عليه وهي: الاستواء، والعرش والكرسي، والساق، واليمين، والمجيء.

فقد فسر الاستواء بالاستقرار.

وفسر العرش تفسيرا ماديا وذكر ان الله فوق العرش.

وفسر الكرسي تفسيرا يشعر بالتجسيم، اعتمادا على حديث رواه وهب بن منبه وهو من رواة الاسرائيليات، وعلى حديث الأوعال، وقد بينا ان فيه عللا قادحة.

كما ذكر ان الله يكشف عن ساقه يوم القيامة فتضيء الأرض بنور ساقه، وانه يمسك السماء والأرض بقبضة يمينه، وقد نسب تفسيره للساق الى ابن مسعود، كما نسب تفسيره لليمين الى ابن عباس) «٢١» .

كما فسر المجيء فى قوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا «٢٢» بقوله:

فيجيء الله عز وجل كما قال: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ «٢٣» .

وقد نسبت كتب الفرق الى مقاتل القول: «بان الله جسم، وانه جثة، وانه على صورة الإنسان، لحم ودم وشعر وعظم، له جوارح وأعضاء من يد، ورجل، وراس وعينين، مصمت، وهو مع هذا لا يشبه غيره ولا يشبهه غيره» «٢٤» .

بيد ان هذا القول لم يرد له اثر فى تفسيره الكامل للقرآن الكريم، وقد أخذت


(٢٠) انظر: بحث ذلك بالتفصيل فى باب: مقاتل وعلم الكلام، فى الفصل الثاني: مقاتل والصفات: ٨٥- ٩٥.
(٢١) انظر بحث ذلك بالتفصيل فى باب: مقاتل وعلم الكلام فى الفصل الثالث: التجسيم عند مقاتل: ٩٧- ١١٠.
(٢٢) سورة الفجر: ٢٢.
(٢٣) سورة البقرة: ٢١٠.
تفسير مقاتل: جزء ٢ ورقة ٢٣٩ ب. وانظر تحقيقي له: ٤/ ٦٩١، وابن تيمية ايضا يقول المجيء مجيء الله (ابو زهرة: ابن تيمية: ٢٧٨) .
(٢٤) مقالات الاسلاميين: ١/ ٢٤١، المواقف: ٢٧٣، الحور العين: ٢٥٤ والفرق والتاريخ: ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>