للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به فى البحر. وكان بديل قد كتب وصيته ثُمّ جعلها فِي متاعه ثُمّ دفعه إلى تميم وصاحبه وقَالَ لهما أبلغا هَذَا المتاع إلى أهلي فجاءا ببعض المتاع وحبسا جاما من فضة مموها بالذهب، فنزلت الآية «٢٢» .

- ٤- نماذج تطبيقية من هدى القرآن

وكثيرا ما تنزل آيات لتهذيب النفوس وتأديب المسلمين بأدب الإسلام فتكون الحادثة سببا فى إبراز أخلاق الإسلام العالية ودعوة المسلمين إليها بلا محاباة ولا مجاملة فى الحق.

كان لأحد المسلمين شهادة على أبيه «٢٣» فنزل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً سورة النساء: ١٣٥.

ان الأخلاق السامية التي دعا إليها القرآن كانت نموذجا رائعا للخلق الكريم المتسامى على النفعية والانانية.

«هذا «٢٤» يهودي يسمى زيد بن السمين يستودع طعمة بن أبيرق الأنصاري من الأوس درعا من حديد، ثم يطلب اليهودي درعه من طعمة فيجحده طعمة، ويذهب قوم طعمة الى النبي صلى الله عليه وسلم فيبرئوا صاحبهم ويجادلوا عنه بالباطل، وقد صدقهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يرى انهم صدقوا. ولكن القرآن نزل يدافع عن اليهودي ويتهم الأنصاري» رغم حرب اليهود للمسلمين وحملتهم المضلة على الإسلام، وذلك فى قوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ، وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً. وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً. وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ، إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً. يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ، وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً. ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا، وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً. وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ، وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً. وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً. وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ، وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً

«٢٥» .


(٢٢) أكمل مقاتل قصة نزول هذه الآية وتفسيرها باسهاب فى الورقة ١١٠، ١١١ من المخطوطة ج ١، وانظر تحقيقي له: ١/ ٥١١- ٥١٣.
(٢٣) ورد ذلك فى تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث ج ١ ورقة ٧٨ ب، وانظر تحقيقنا له:
١/ ٤١٣- ٤١٤. كما ورد فى اسباب النزول للواحدي: ١٠٦، وفى لباب النقول للسيوطي: ٨١.
(٢٤) ورد ذلك فى تفسير مقاتل مخطوطة، احمد الثالث ج ١ ورقة ٨٤ ا، ٨٤ ب. وانظر تحقيقنا له: ١/ ٤٠٤- ٤٠٦، كما ورد فى اسباب النزول للسيوطي: ٧٨- ٧٩، وفى الواحدي:
١٠٣.
(٢٥) سورة النساء: ١٠٥- ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>