للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة التوبة: ٧٤.

وقد تعددت الأقوال فى اسباب نزول هذه الآية. فذهب مقاتل «٤٣» الى انها نزلت فى الجلاس بن سويد الصامت وكان ممن تخلف عن غزوة تبوك. فلما سمع ما أنزله الله فى المنافقين قال لئن كان ما يقول محمد حقا لنحن شر من الحمير فرفع عامر بن قيس ذلك إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحلف الجلاس بالله ما قلت فانزل الله الآية.

واخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فى ظل شجرة فقال انه سيأتيكم انسان ينظر بعيني شيطان، فطلع رجل أزرق فدعاه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فانطلق الرجل فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم فانزل الله تعالى «يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا ... » الآية «٤٤» .

واخرج الحاكم هذا الحديث بهذا اللفظ وقال: فانزل الله يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ.. الآيتين «٤٥» .

وتعدد الأقوال فى اسباب نزول الآية الواحدة يدعونا الى توضيح لهذا الموضوع.

- ٩- التعبير عن سبب النزول

تختلف عبارات الرواة فى التعبير عن سبب النزول. فتارة يصرح فيها بلفظ السبب فيقال: (سبب نزول الآية كذا) وهذه العبارة نص فى السببية لا تحتمل غيرها، وتارة لا يصرح بلفظ السبب، ولكن يؤتى بفاء داخلة على مادة نزول الآية عقب سرد حادثة، او ذكر سؤال طرح على رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل (حدث كذا فنزلت آية كذا- او سئل عليه السلام عن كذا فنزلت آية كذا) .

وهذا نص واضح فى السببية ايضا، كرواية ابن مسعود عند ما سئل النبي عن الروح فانزل الله (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ... ) الآية.

ومرة اخرى لا يصرح بلفظ السبب، ولا يؤتى بتلك الفاء، ولا بذلك الجواب المبنى على السؤال. بل يقال: نزلت هذه الآية فى كذا (مثلا) . وهذه العبارة ليست نصا


(٤٣) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث [١/ ١٥٧ ا] ، وانظر تحقيقنا له: ٢/ ١٨٤، كما ورد ذلك فى الواحدي: ١٤٤، وفى السيوطي: ١١٩. قال السيوطي: أخرجه ابن ابى حاتم عن ابن عباس، وبرواية اخرى: أخرجه ابن ابى حاتم عن انس بن مالك.
(٤٤) لباب النقول فى اسباب النزول للسيوطي: ١٢٠.
(٤٥) سورة المجادلة: ١٨- ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>