للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ٣- مناقشة نسخ هذه الآيات

وإذا امعنا النظر فى الآيات التي ادعى مقاتل انها منسوخة وجدنا كثيرا منها لا ينطبق عليه تعريف النسخ عند الأصوليين، وعذر مقاتل واضح فى ذلك، فقد جاء فى عصر مبكر «٧» كان النسخ يطلق فيه على التخصيص والتقييد وبيان المبهم وتفصيل المجمل.

(فقد كان الصحابة والتابعون يرون ان النسخ هو مطلق التغيير الذي يطرأ على بعض الأحكام فيرفعها ليحل غيرها محلها او يخصص ما فيها من عموم او يقيد ما فيها من اطلاق) «٨» .

- ٤- مناقشة المنسوخ بآية السيف

ويكفى ان تعرف ان ست عشرة آية منسوخة عنده بآية السيف وليس فى هذه الآيات نسخ. بل هي مما امر به لسبب ثم زال سببه.

فالله امر المسلمين بالصبر وعدم القتال، فى ايام ضعفهم وقلة عددهم، لعلة الضعف والقلة، ثم أمرهم بالجهاد فى ايام قوتهم وكثرتهم، لعلة القوة والكثرة.

وأنت خبير بان الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، وان انتفاء الحكم لانتفاء علته لا يعد نسخا، بدليل ان وجوب الصبر والتحمل عند الضعف والقلة لا يزال قائما الى اليوم، وان وجوب الجهاد والدفاع عند القوة والكثرة لا يزال قائما كذلك الى اليوم.

وما احكم الزركشي فى تعليقه على هذا الموضوع بقوله: (وبهذا التحقيق تبين ضعف ما لهج به كثير من المفسرين فى الآيات الآمرة بالتخفيف انها منسوخة بآية السيف، وليست كذلك بل هي من المنسأ، بمعنى ان كل امر ورد يجب امتثاله فى وقت ما، لعلة توجب ذلك الحكم، ثم ينتقل بانتقال تلك العلة الى حكم آخر، وليس بنسخ انما النسخ الازالة حتى لا يجوز امتثاله ابدا) «٩» .

- ٥- راى أستاذي الدكتور مصطفى زيد فى المراد بآية السيف

وقد جاء فى كتاب (النسخ فى القرآن) ان آية السيف تامر بقتل المشركين


(٧) توفى مقاتل سنة ١٥٠ هـ، وفى السنة التي ولد فيها الامام الشافعي الذي حرر معنى النسخ وقصره على رفع الشارع حكما شرعيا بدليل شرعي متأخر.
(٨) النسخ فى القرآن الكريم: ١/ ٧٣.
(٩) البرهان: ٢/ ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>