للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تسربت ثقافة اليهود الى العرب قبل الإسلام وبعده.

وجاء فى الحديث عن ابن عباس: (كان هذا الحي- من الأنصار- وهم اهل وثن، مع هذا الحي من اليهود وهم اهل الكتاب، فكانوا يرون لهم فضلا عليهم فى العلم، وكانوا يقتدون بكثير من فعلهم) «١٤» .

وفى الحديث عن ابى هريرة قال: (كان اهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها لأهل الإسلام بالعربية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم، وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا، وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ والهنا وإلهكم واحد) «١٥» .

- ٤- قصص الأنبياء بين القرآن والتوراة

عرض القرآن لكثير من قصص الأنبياء السابقين، مقتصرا على مواضع العظة والعبرة، مكتفيا من القصة بما يحقق الهداية، ويوحى بمتابعة الحق والايمان.

ولذا لم يتعرض للتفصيل، فلم يذكر تاريخ الوقائع، ولا اسماء البلدان التي حصلت فيها، ولا اسماء الأشخاص الذين جرت على يدهم بعض الحوادث، وانما تخير ما يمس جوهر الموضوع، وما يحرك العقول للتفكير، وينبه القلوب الى الخير، وينفرها من عاقبة الشر.

ولنضرب لهذا مثلا قصة آدم عليه السلام، فقد ورد ذكرها فى القرآن الكريم «١٦» ، كما ورد ذكرها فى التوراة. بيد ان القرآن لم يتعرض لمكان الجنة، ولا لنوع الشجرة التي نهى آدم عن الاكل منها، ولا لبيان الحيوان الذي تقمصه الشيطان ليزلهما، ولا ما كان من تفصيل الحوار بين الله تعالى وآدم، ولا للبقعة التي طرد إليها آدم بعد خروجه من الجنة.


(١٤) أخرجه ابو داود وجاء فى تفسير مقاتل لقوله تعالى: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ... سورة البقرة: ٢٢٣ نسخة احمد الثالث: ٣٧ اوانظر تحقيقنا له ١/ ١٩٢. كما جاء فى تفسير ابن كثير لهذه الآية، وجاء فى اسباب نزول القرآن للواحدي والسيوطي.
(١٥) البخاري فى كتاب التفسير: ٨ ط. ١٢ من فتح الباري.
(١٦) انظر الآيات التي وردت فى القرآن فى قصة آدم، ومنها آية ٣٤ فى سورة البقرة، وآية ٢٣ فى آل عمران، وآية ٢٠ وما بعدها فى الأعراف، وآية ٦١ فى الاسراء، والآيات ١١٥- ١٢٢ فى طه، حيث يقول سبحانه: (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً. وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى. فَقُلْنا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى. إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى، وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى. فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى. فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ، وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى. ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) .

<<  <  ج: ص:  >  >>