للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قال عنها ابن كثير فى تفسيره. وبذلك صار ما ذهب اليه مقاتل راجحا فى نظرهما، وهما أوثق من السيوطي.

وفى الصورة الثالثة- وهي الحكم بتعدد الأسباب والنازل واحد- كان ما رواه مقاتل موافقا لما رواه الشيخان البخاري ومسلم فى سبب نزول آية وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ فروايته هنا صحيحة كذلك.

وفى الصورة الرابعة- وهي تكرر نزول الآية او الآيات- كما فى خواتيم سورة النحل- كان ما رواه مقاتل موافقا لما أخرجه البيهقي والبزار عن ابى هريرة انها نزلت فى استشهاد حمزة، وقد اجتمعت الروايات على هذه الحقيقة.

وهذا يؤيد ما ذكرته فى صدر الموضوع. من ان الرأي السائد بضعف الأحاديث التي اعتمد عليها مقاتل فى اسباب النزول او كذبها، تكذبه مقارنة هذه الأحاديث والآثار بما فى كتب السنن، فهذه المقارنة تظهر ان أكثرها غير ضعيف. وان فيها عددا وافرا موافقا لما فى الصحيح، لكن هذا لا يمنع من ان فى تفسير مقاتل آثارا ضعيفة، لكن ضعف بعضها انما هو فى الاسناد، اما المتن فصحيح مؤيد بطرق اخرى تقويه. وضعف بعضها الآخر- بل وضعه- ظاهر ليس فى حاجة الى بيان..

- ١١- تعدد النازل والسبب واحد

ذكر مقاتل انه قد يكون امر واحد سببا لنزول آيتين او آيات متعددة من القرآن. مثال ذلك ما رواه مقاتل «٦٧» - وهو موافق لما أخرجه الحاكم والترمذي ان أم سَلَمَة أم الْمُؤْمِنِين رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: ما لنا مَعْشَر النساء عِنْد اللَّه خبر، وما يذكرنا فى الهجرة بشيء، فانزل الله تعالى: فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى، بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ، وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ

«٦٨» .

وانزل ايضا فى قول ام سلمة: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ فى الأحزاب، الى آخر الآية «٦٩» . قال مقاتل. فأشرك الله النساء مع الرجال فِي الثواب، كَمَا شاركن الرجال فِي الأعمال الصالحة فى الدنيا «٧٠» .


(٦٧) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث جزء ١ ورقة ٦٨ ا، ب وانظر تحقيقي له:
١/ ٣٢٢- ٣٢٣.
(٦٨) سورة آل عمران: ١٩٥.
(٦٩) سورة الأحزاب: ٣٥ وتمامها: وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً.
(٧٠) تفسير مقاتل جزء ١ ورقة ٦٨ ب، وانظر تحقيقي له: ١/ ٢٢٢- ٢٢٣. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>