للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مُقَاتِلُ: وقال ابن عباس رضي الله عنه في قوله (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ) يعنى عن شدة الآخرة كقوله قامت الحرب على ساق، قال: يكشف عن غطاء الآخرة وأهوالها «٦٠» .

وقال تعالى فى سورة الزمر/ ٦٩: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها. قال مقاتل: يعني بنور ساقه فذلك قوله تعالى، يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ «٦١» .

٦- تجسيم بالتلميح لا بالتصريح

هناك آيات فسرها مقاتل تفسيرا يشعر بالتجسيم او يحتمل التجسيم، وكان من المحتمل ان تمر هذه الآيات بدون اى اعتراض، لولا ما سبق لنا معرفته عن مقاتل بانه من المجسمة.

من ذلك تفسير قوله تعالى فى الأنفال/ ٤٣: إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «٦٢» .

وفى سورة الإنسان/ ٢٠ يقول تعالى: (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) وقد جمع مقاتل فى تفسيرها بين الاسرائيليات والتشبيه «٦٣» .

وأخيرا نقول، فسر مقاتل اليمين بالقبضة.

وقد ذهب كثير من المفسرين فى تفسير اليمين الى انها لا تعنى اليد الحقيقة، وأخرجوها على سبيل الاستعارة والمجاز.

وفسر ثعلب قوله تعالى: وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ (الزمر/ ٦٧) فقال:

هو كما تقول الدر بيدي، والشيء فى يدي «٦٤» .

اما الساق فيكفى فيها ما رواه مقاتل عن ابن عباس فى قوله- تعالى-: «يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ» يعنى عن شدة الآخرة كما تقول قامت الحرب على ساق.

ونحن إزاء جميع ما ورد فى القرآن من المتشابه نؤمن به مع التفويض والتنزيه.

او نؤوله بما يناسب السياق ومقتضى اللغة.


(٦٠) تفسير مقاتل: ٢/ ٢٠٦ ا، وانظر تحقيقنا له: ٤/ ٤٠٨- ٤١١.
(٦١) تفسير مقاتل: ٢/ ١٢٦ ا، وانظر تحقيقنا له: ٣/ ٦٨٧- ٦٨٨.
(٦٢) تفسير مقاتل: ١/ ١٤٦ ا. قال (لما التقوا ببدر قلل الله المشركين في أعين الناس..)
وانظر تحقيقي له ٢/ ١١٧.
(٦٣) تفسير مقاتل: ٢/ ٢٢١ وانظر تحقيقي له: ٤/ ٥٢٨- ٥٣١ يقول فى صفة رجل من اهل الجنة (فيأتيه رسول رب العزة فيقول له السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلامَ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ فَلَوْلا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ الْمَوْتَ لَمَاتَ مِنَ الْفَرَحِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) سورة الإنسان/ ٢٠.
(٦٤) ثعلب. مجالس ثعلب: ٢/ ٤٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>