للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ١٠- تعدد الأسباب والمنزل واحد

قد ترد روايات متعددة فى اسباب نزول الآية وتذكر كل رواية سببا صريحا غير ما تذكره الاخرى.

فللمحققين «٥٣» مقاييس دقيقة فى تعدد اسباب النزول تتلخص فيما يأتي:

١- إذا كانت احدى الروايتين صحيحة والاخرى غير صحيحة- اعتمدنا على الصحيحة، وردت غير الصحيحة.

٢- إذا كانت كلتاهما صحيحتين ولإحداهما مرجح- اعتمدنا فى بيان السبب على الراجحة دون المرجوحة.

٣- إذا استوت الروايتان فى الصحة، ولا مرجح لإحداهما على الاخرى، وأمكن الأخذ بهما معا لتقارب زمنيهما- أخذنا بهما معا، وحكمنا بنزول الآية عقب حصول السببين كليهما.

٤- إذا استوت الروايتان فى الصحة ولا مرجح، ولا يمكن الأخذ بهما معا حكمنا بنزول الآية عقب كل سبب منهما. اى بتكرار نزولها.

وإليك امثلة ذلك:

اما الصورة الاولى، فمثالها ما أورده مقاتل «٥٤» فى سبب نزول وَالضُّحى، وَاللَّيْلِ إِذا سَجى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى سورة الضحى/ ١- ٣.

قال: وذلك أن جبريل عليه السلام لم ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم أربعين يوما، ويقال ثلاثة ايام، فقال مشركو العرب من أهل مكة لو كان من الله لتتابع الوحى- كما كان يفعل «مع» من كان قبله من الأنبياء. فقد ودعه الله وتركه صاحبه فيما يأتيه، فانزل الله قوله: وَالضُّحى، وَاللَّيْلِ إِذا سَجى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى سورة الضحى/ ١- ٣.

وما

أورده مقاتل موافق فى المعنى لما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جندب قال: اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يقم ليلة او ليلتين، فاتته امراة فقالت:

يا محمد ما ارى شيطانك الا قد تركك، فانزل الله: وَالضُّحى، وَاللَّيْلِ إِذا سَجى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى.

وهناك رواية اخرى فى سبب نزول الآيات من أول سورة الضحى: هي ما

أخرجه الطبراني وابن ابى شيبة عن حفص بن ميسرة عن امه عن أمها وكانت خادم


(٥٣) انظر البرهان للزركشى: ١/ ٢٩. ٣٠. ٣١. والإتقان للسيوطي: ١/ ٣٢.
(٥٤) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث: ٢/ ٢٣٤، وانظر تحقيقي له: ٤/ ٧٣١- ٧٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>