للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦- ان معنى استوى اقبل وعمد الى خلقه، كقوله ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ اى قصد وعمد الى خلقها، قاله الفراء «٣٣» والأشعري وجماعة من اهل المعاني.

وقال إسماعيل الضرير انه الصواب. ويبعده تعديته بعلى. ولو كان كما ذكروه لتعدى بإلى كما فى قوله ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ.

٧- ان الاستواء المنسوب اليه تعالى بمعنى اعتدل اى قام بالعدل، كقوله تعالى قائِماً بِالْقِسْطِ. والعدل هو استواؤه. ويرجع معناه الى انه اعطى بعته كل شيء خلقه موزونا بحكمته البالغة، قاله ابن اللبان «٣٤» .

- ٨- بين التشبيه والتعطيل

رويت لك سبعة آراء فى تفسير الاستواء على العرش بعضها بالغ فى التشبيه كتفسير مقاتل، وبعضها بالغ فى التعطيل كتفسير المعتزلة، وبين هذا وذاك آراء مختلفة بعضها مردود وبعضها مقبول.

وارى انه لا مناص من سلوك طريق التأويل فى هذه الآية وأمثالها.

كما يتضح لنا من مقارنة آراء المفسرين فى آيات الصفات ان البون ليس شاسعا بين المشبهة والمعطلة، فليس هناك مشبهة خلص ولا معطلة خلص، فان كلا منهما سلك أمثل الطرق فى نظره لتعظيم الله.

فالسلفيون اختاروا طريق التثبت المستند الى التنزيل ولم يقولوا بالتعطيل والمعتزلة اختارت طريق التنزيه، ولم يكن هناك حد جامع مانع لكل من الفريقين، فالإمام احمد بن حنبل الحجة الثبت بين السلفيين لم يجد مناصا من تاويل الآيات القائلة بوجود الله مع خلقه فى سورة المجادلة حيث يقول سبحانه (فى الآية ٧) :

وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا «٣٥» . وفى سورة طه يقول سبحانه فى الآية ٤٦: قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى «٣٦» .


(٣٣) هو ابو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله الديلمي الفراء. ابرع الكوفيين فى النحو وصاحب كتاب معاني القرآن. توفى سنة ٢٠٧ هـ.
(٣٤) البرهان: ٢/ ٨٢، والإتقان: ٢/ ٦- ٧، ورسالة فى تعريف علم التفسير مخطوطة بدار الكتب المصرية رقم ٢٢٠ مجاميع م ص ١٦٦، ص ٨١.
(٣٥) تمام الآية: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ المجادلة/ ٧.
(٣٦) انظر دائرة المعارف الاسلامية (مادة تشبيه) : ٥/ ٢٥٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>