للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ١- اسباب النزول فى تفسير مقاتل

تفسير مقاتل تفسير بالمأثور، اى انه يعتمد على ما اثر عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحابته والتابعين، ولذلك اعتنى مقاتل فيه بأسباب نزول القرآن، ومن نزلت فيهم الآية.

وقد كان الرأي السائد ضعف الأحاديث والآثار التي اعتمد عليها مقاتل فى اسباب نزول القرآن، وفى تفسير القرآن. ولكن بمقارنة هذه الأحاديث والآثار بكتب السنن، ظهر ان أكثرها غير ضعيف، فضلا عن ان فيها عددا وافرا من الأحاديث الصحيحة.

وتوجد أحاديث ضعيفة فى تفسير مقاتل، وبعضها ضعيف الاسناد، لكن المتن فيه صحيح، واسناده مؤيد بطرق أخرى تقويه «١» .

ولا نستطيع ان نبرئ مقاتلا من تهمة اعتماده على الآثار الضعيفة والموضوعة وخصوصا فى الاسرائيليات، واخطر من ذلك حذفه للإسناد، فقد اختلط بسببه الصحيح بالعليل فى تفسيره، حتى قال فيه ابن المبارك: (يا له من تفسير لو كان له اسناد) .

على انه ليس لكل آية سبب نزول، فان من آيات القرآن ما نزل ابتداء بشرح الدعوة، ويدعو الى الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وهذا النوع من


(١) ففي أوائل سورة البقرة يقول الله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ، ... ) : ٨- ١٤.
قال مقاتل: «نزلت هذه الآيات فى عبد الله بن ابى المنافق ... » انظر تفسير مقاتل: ١/ ٦ ا، وانظر تحقيقنا له: ١/ ٨٩- ٩١.
وأورد الأثر بدون اسناد- وترك الاسناد من اخطر الأشياء التي أدت الى ضعف التفسير بالمأثور.
وقد اخرج هذا الأثر الواحدي والثعلبي من طريق محمد بن مروان السدى الصغير عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عباس.
وعلق عليه السيوطي- فى اسباب النزول: ٧- بقوله: هذا الاسناد واه جدا، فان السدى الصغير كذاب، وكذا الكلبي، وابو صالح ضعيف.
وقد أورد ابن جرير الطبري تسعة آثار فى تفسير الآية تلتقى فى مجموعها على معنى ما ذكره مقاتل، وهو ان المنافقين كانوا يظهرون الخير ويسرون الشر، وفى تفسير ابن كثير: ١/ ٤٧- ٥٢.
صحح ابن كثير بعض الآثار التي أوردها ابن جرير. وشرح سبب وجود النفاق فى المدينة دون مكة، وعرف النفاق بانه اظهار الخير واسرار الشر اهـ. فالأثر الذي أورده مقاتل ضعيف السند الا انه صحيح المتن ومؤيد بروايات اخرى. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>