للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الذي جعل الامام الشافعي يقول: (من أراد ان يتبحر فى التفسير فهو عيال على مقاتل بن سليمان) .

وأريد فى هذا المقام ان افرق بين رجل دون التفسير ونقله عن السابقين، ورجل فسر القرآن وأبدع التأليف فى التفسير.

وفى رأيي ان كل من سبق مقاتلا كانوا رواة للتفسير، وان من دونه منهم كان يغلب على تدوينه النقل والأثر.

اما تفسير مقاتل فهو أول تفسير كامل لكل آيات القرآن، كما انه أول تفسير فنى يشرح كل آية ويوضحها، ويبدو ان مقاتلا كان من أوائل من كتبوا فى علوم القرآن ايضا، فله كتاب (الوجوه والنظائر فى القرآن) «٣٠» .

وقد نقل الزركشي فى البرهان، والسيوطي فى الإتقان، كثيرا من هذا الكتاب او ممن نقل منه، واستفاد به اكثر المؤلفين فى علوم القرآن بعد مقاتل، ويظهر ذلك بمقارنة ما كتبه مقاتل فى الوجوه والنظائر بما كتبه من جاء بعده، فمن ذلك كليات مقاتل التي أوردها الملطي فى كتابه (التنبيه، والرد على اهل الأهواء) «٣١» .

[فيقول مقاتل:]

كل شيء فى القرآن: (بخس) يعنى نقصا، غير واحد فى يوسف (وشروه بثمن بخس) يوسف/ ٢٠ يعنى حراما.

وكل شيء فى القرآن: (بعل) يعنى الزوج. غير واحد فى الصافات (أتدعون بعلا) الصافات/ ١٢٥ يعنى ربا.

وقوله (ريب) يعنى شكا فى القرآن كله الا الذي فى الطور (ريب المنون) الطور/ ٣٠ يعنى حوادث الموت.

ونقل الزركشي فى البرهان: ١/ ١٠٥.

(ان ابن فارس قال فى كتاب «الافراد» :


(٣٠) الزركشي فى البرهان: ١/ ١٠٢، قال وقد صنف فيه قديما مقاتل بن سليمان، فالوجوه اللفظ المشترك الذي يستعمل فى عدة معان كلفظ (الهدى) له سبعة عشر معنى فى القرآن بمعنى البيان كقوله أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ سورة البقرة: ٥، وبمعنى الدين إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ سورة آل عمران: ٧٣، وبمعنى الايمان وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً سورة مريم: ٧٦، وذكر مقاتل فى صدر كتابه حديثا مرفوعا (لا يكون الرجل فقيها كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة) . قال السيوطي فى الإتقان: أخرجه ابن سعد وغيره عن ابى الدرداء موقوفا: ١/ ١٤١، والنظائر كالألفاظ المتواطئة.
(٣١) بتحقيق الكوثرى: ٧٢- ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>