للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- الاستواء

نسب الى ابن عباس ان (استوى الى السماء) سورة البقرة: ٢٩ معناها (عمد الى خلق السماء) «١٧» او (قصدها) «١٨» .

وفسرها ابو عبيدة ب «الاستواء والظهور «١٩» » .

اما ابن قتيبة فقد فسر الاستواء الى السماء على انه عمد لها (وكل من كان يعمل عملا فتركه- بفراغ او غير فراغ- وعمد لغيره فقد استوى له واستوى اليه) «٢٠» .

والاستواء فى «كلام العرب على جهتين: إحداهما ان يستوي الرجل وينتهى شبابه او يستوي عن اعوجاج، فهذان وجهان، ووجه ثابت ان تقول كان مقبلا على فلان ثم استوى على يشاتمنى والى سواء، على معنى اقبل الى فهو قوله تعالى: «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ» ٢» .

ويطلق الاستواء على الاستيلاء، كقولهم استوى فلان على المملكة بمعنى استولى عليها وحازها، ويطلق على العلو والارتفاع كقول القائل: استوى فلان على سريره بمعنى علوه عليه «٢٢» .

وقد نفت المعتزلة الاستواء المادي لافضائه الى التجسيم، فقالوا: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى سورة طه: ٥. اى استوى وملك وقهر «٢٣» كما يقال استوى الخليفة على العرش قال الشاعر:


(١٧) الفيروزآبادي: تفسير ابن عباس: ٥.
(١٨) الفراء: معاني القرآن: ١/ ٢٥.
(١٩) ابو عبيدة: مجاز القرآن: ٢/ ٢٣٧، ٢/ ١٥.
(٢٠) ابن قتيبة: تفسير غريب القرآن: ٤٥.
(٢١) الفراء: معاني القرآن: ١/ ٢٥، وانظر تفسير الطبري: ١/ ١٩١- ١٩٢.
وجاء فى «رسالة فى تعريف علم التفسير» - وهي مخطوطة لم يذكر مؤلفها- تحت رقم ٢٢٠ مجاميع م بدار الكتب المصرية ورقة ٨١: (ثم استوى اليه كالسهم المرسل الى قصده مستويا، اى توجه اليه بالاستقامة، من غير ان يلوى على شيء، اى يعطف عليه ويميل اليه. واصل الاستواء، طلب السواء وإطلاقه على الاعتدال لما فيه من التقوية.. إلخ) .
والظاهر انه رد على الكشاف حيث قال الاستواء الاعتدال والاستقامة يقال استوى العود وغيره إذا قام واعتدل ثم قيل استوى اليه كالسهم المرسل إذا قصده قصدا مستويا من غير ان يلوى على شيء ومنه استعير قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ سورة البقرة: ٢٩.
(٢٢) الطبري، تفسير: ١/ ١٩١- ١٩٢.
(٢٣) الابانة: ٣٢، مقالات الاسلاميين: ١/ ٢٦١، الزركشي، البرهان: ٢/ ٨٠، قال: (وعن المعتزلة استوى بمعنى «استولى وقهر» ورد بوجهين ... إلخ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>