للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ٣- أول من دون التفسير

أحب ان يكون واضحا ان هناك فارقا بين أول من فسر القرآن، وأول من دون التفسير، وأول مفسر.

فأول مفسر للقرآن هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صحابته ثم التابعون، وأول من فسر القرآن كاملا هو مقاتل بن سليمان، ولعل بعض معاصريه فسروا القرآن كاملا بيد انه لم يصل إلينا.

فتفسير مقاتل اقدم تفسير كامل للقرآن وصل إلينا.

اما أول من دون التفسير يقصد به أول من كتب التفسير والف فيه.

يميل الدكتور احمد أمين الى ان الفراء المتوفى سنة ٢٠٧ هـ كان أول من فسر القرآن آية آية، واما السابقون عليه كانوا يقتصرون على تفسير المشكل.

وقد اعتمد فى هذا الميل على ما ذكره ابن النديم «١٣» من (ان عمر بن بكير كتب الى الفراء ان الحسن بن سهل ربما سألني عن الشيء بعد الشيء من القرآن، فلا يحضرني فيه جواب، فان رأيت ان تجمع لي أصولا او تجعل لي فى ذلك كتابا ارجع اليه فعلت، فقال الفراء لأصحابه: اجتمعوا حتى املى عليكم كتابا فى القرآن، وجعل لهم يوما، فلما حضروا خرج إليهم، وكان فى المسجد رجل يؤذن ويقرا بالناس فى الصلاة، فالتفت اليه الفراء فقال له: اقرا بفاتحة الكتاب نفسرها، ثم نوفى الكتاب كله فقرا الرجل وفسر الفراء، فقال ابو العباس: لم يعمل احد قبله مثله، ولا احسب ان أحدا يزيد عليه» اهـ.

وقد علق الدكتور احمد أمين على ذلك بقوله: (فهل نستطيع ان نفهم من هذا النص ان الفراء- المتوفى سنة ٢٠٧- أول من تعرض لآية آية حسب ترتيب المصحف وفسرها على التتابع. وكان من قبله يقتصرون على تفسير المشكل، وان التفاسير السابقة عليه، كالذي روى عن ابن عباس وكتفسير السدى وغيره كانت من هذا القبيل؟ هذا هو الذي أميل اليه، وان كانت عبارة ابن النديم ليست قاطعة فى هذا) «١٤» .

وفى وسعنا ان نرد على الدكتور احمد أمين، وان نبطل ما مال اليه بجملة ادلة:

أولها: ان تفسير الفراء ليس تفسيرا كاملا للقرآن، بل هو تفسير لما أشكل من كلماته، ذلك ان الفراء فى معاني القرآن، وهو تفسيره، يفسر كلمة او كلمات


(١٣) الفهرست: ٦٦.
(١٤) ضحى الإسلام: ٢/ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>