للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ١- النسخ عند مقاتل

[تمهيد:]

كان الصحابة والتابعون وتابعوهم يستعملون النسخ بإزاء المعنى اللغوي- الذي هو ازالة شيء بشيء- لا بإزاء مصطلح الأصوليين «١» .

«فيطلقون النسخ على تقييد المطلق وعلى تخصيص العام وعلى بيان المبهم والمجمل، كما يطلقونه على رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر عنه» «٢» .

فلما جاء الامام الشافعي (١٥٠- ٣٠٥ هـ) حرر معنى النسخ وميزه عن تقييد المطلق وتخصيص العام واعتبرهما من انواع البيان «٣» .

ومضى الاصوليون والمؤلفون فى الناسخ والمنسوخ على نهج الشافعي، فعنى معظمهم ببيان الفروق بين النسخ وكل من التخصيص والتقييد والتفسير والتفصيل.

هذا ابو جعفر محمد بن جرير الطبري (٢٢٤- ٣١٠ هـ) يشير فى تفسيره «٤» (الى انه لا ناسخ من آي القرآن واخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ما نفى حكما ثابتا الزم العباد فرضه، غير محتمل بظاهره وباطنه غير ذلك. فاما إذا احتمل غير ذلك- من ان يكون بمعنى الاستثناء او الخصوص والعموم، او المجمل والمفسر- فمن الناسخ والمنسوخ بمعزل ... ولا منسوخ الا الحكم الذي قد كان ثبت حكمه وفرضه) .

وقد ظل بعض المؤلفين فى النسخ يتبعون الإطلاق الاول له فيطلقونه على التخصيص والتقييد والتفسير، مما ادى الى الاضطراب فى الموضوع. وكان من فضل الله توفيق استاذنا الدكتور مصطفى زيد الى إخراج كتابه «النسخ فى القرآن» .

ففي هذا الكتاب عالج المشكلة علاجا حاسما، مما حملني على اعتباره مرجعي الاول فى الموضوع لأنه آخر انتاج استفاد مما سبقه، ويسر الطريق لمن جاء بعده.


(١) النسخ فى القرآن: د. مصطفى زيد: ١/ ١١٠ فقرة ١٦٢.
(٢) المرجع السابق، وقد نقله عن الموافقات للشاطبي: ٣/ ٧٥.
(٣) د. مصطفى زيد: ١/ ٧٤ نقلا عن كتاب الشافعي لمحمد ابو زهرة: ٢٤٩- ٢٥٠.
(٤) . ٢/ ٤٣٥ بتحقيق محمود محمد شاكر. وقد نقله د. مصطفى زيد فى كتابه النسخ فى القرآن ١/ ٧٩ بعد ان صوب النص. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>