للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ٩- راى شترتمان فيهما

«الى انه من الصعب التفرقة بين اهل السنة. ويذهب شترثمان وأخذهم بظاهر اللفظ من جهة وبين المعتزلة وقولهم بالتأويل من جهة اخرى» «٣٧» ثم يقول:

«وليست المسالة من اليسر بحيث نستطيع ان نجلوها فى عبارات عامة، فنقول انها تنازع بين وجهتين إحداهما: ان الله ذات روحانية خالصة، والاخرى ان له تعالى وجودا مشخصا. فإذا كانت المسالة كذلك فأين نضع الأشعري اذن؟» «٣٨» .

ثم يقول: «ان المسلمين كانوا فى حيرة بين الحدين التشبيه والتعطيل» «٣٩» .

«ان مذهب المسلمين فى الذات الالهية أساس دينهم، وان القرآن يؤكد وحدانية الله، ولكنه يصفه مع ذلك فى بساطة وصفا تشبيهيا، فيجعل له وجها وعينا ويدا ويتحدث عن كلامه واستوائه» «٤٠» .

- ١٠- مناقشة هذا الرأي

(ا) وارى ان شترثمان قد أخطأ فى حديثه عن التشبيه، وان المسلمين ليسوا فى حيرة، وانما الحيرة حقيقة هي حيرة المثقف المسيحي الذي يلقن ان الأب والابن وروح القدس اله واحد، فان التعدد مدعاة الفساد والخلاف والعلو، ولا سيما ان شان الالوهية الكبرياء والعظمة. وايضا فلو استقل احد المتعددين بالتصرف تعطلت صفات الآخرين، ولو اشتركوا تعطلت بعض صفات كل منهم، وتعطيل صفات الالوهية يتنافى مع جلالها وعظمتها، فلا بد ان يكون الإله واحدا لا رب غيره.

ثم ان التعدد من شان الحوادث والإله منزه عن الحدوث والبنوة واعراضها، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.

(ب) اما غمز شترثمان فى وحدانية الذات عند المسلمين- ففيه تعصب بالغ مكشوف، - فالوحدانية شعار الإسلام وخاصيته، ولا يعد مسلما من لا يكون موحدا، والوحدانية فى الإسلام تتجه الى ثلاثة معان كل واحد جزء من حقيقتها، وهي مجموعها وأركانها، فلا تتوافر الوحدانية ان لم تتوافر معانيها:

وأولها- وحدة الخالق، فهو الخالق المبدع وحده.

وثانيها- وحدانية المعبود، فلا يعبد الا رب العالمين ولا يشرك العابد بربه أحدا، فليس لبشر ولا حجر، ولا لكائن فى الوجود ان يعبد مع رب العالمين.


(٣٧، ٣٨، ٣٩) دائرة المعارف الاسلامية مادة تشبيه: ٥/ ٢٥٨.
(٤٠) دائرة المعارف الاسلامية مادة تشبيه: ٥/ ٢٥٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>