للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيات ليس له سبب نزول سوى الأسباب العامة التي تنزلت من أجلها الشرائع، وهي الشرائع، وهي هداية البشر وتنظيم حياتهم، وإرشادهم الى ما فيه خيرهم، واغلب هذا القسم يشتمل على آيات العقائد والوقائع الماضية، وقصص الأنبياء ومشاهد القيامة.

ومن آيات القرآن آيات نزلت بأسباب دعت إليها، شان كثير من آيات احكام العبادات والمعاملات، والحلال والحرام، والغزو والجهاد، والأحوال الشخصية، والحقوق المدنية والمعاهدات الدولية. فان الغالب على أمثال هذه الآيات ان تكون لها اسباب دعت الى نزولها، ومعرفتنا بهذه الأسباب تعين كثيرا على فهم الآيات التي نزلت فيها.

وقد لقى هذا القسم عناية سلف الامة وخلفها، وأفرده جماعة بالتأليف، منهم على بن المديني شيخ البخاري، ومنهم الواحدي، والجعبري، وابن حجر، والسيوطي.

وأشهر كتب اسباب النزول وأيسرها الآن كتابان هما:

اسباب النزول للواحدي المتوفى سنة ٤٦٨ هـ.

ولباب النقول فى اسباب النزول للسيوطي المتوفى سنة ٩١١ هـ.

وهما مطبوعان متداولان فى أيدي الناس.

ويكاد تفسير مقاتل ان يكون تفسيرا خاصا بأسباب النزول ومن نزلت فيهم آيات القرآن.

ان معرفة سبب النزول يجعلك تعيش فى زمن الوحى تستطلع الحياة وأسبابها، ويعطيك تاريخ الآيات، وما نزلت متحدثة عنه او مبينة لحكمه ايام وقوعه.

فإذا وقعت حادثة فى زمن الرسول (ص) نزل الوحى من السماء يبين الحكم ويشرع للناس ما يرشدهم الى ما فيه صلاحهم فى معاشهم ومعادهم. سواء أكانت تلك الحادثة خصومة دبت، كالخلاف الذي شجر بين جماعة من الأوس وجماعة من الخزرج، بدسيسة من اعداء الله اليهود حتى تنادوا: السلاح السلاح، ونزل بسببه تلك الآيات الحكيمة فى سورة آل عمران من أول قوله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ ... «٢»

الى آيات اخرى بعدها هي من أروع ما ينفر من الانقسام والشقاق ويرغب فى المحبة والوحدة والاتفاق.

ام كانت تلك الحادثة خطا ارتكب كخطا ذلك الأنصاري الذي سكر فضرب وجه سعد بن ابى وقاص بلحى بعير فشجه، فانطلق سعد مستعديا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل تحريم الخمر فى قوله سبحانه فى سورة المائدة:


(٢) سورة آل عمران: ١٠٠- ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>