للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى كان بَيْنَهُمَا دفع وضرب بالأيدي والسعف «١» والنعال، فغضبا فناديا فجاءت الأوس إلى الأوس، والخزرج إلى الخزرج بالسلاح وأسرع بعضهم إلى بعض بالرماح فبلغ ذَلِكَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فركب حمارا، وأتاهم فَلَمَّا أن عاينهم ناداهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [٥٩ ب]

وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ- ١٠٢- يعنى معتصمين بالتوحيد وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ يعنى بدين الله جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا يعني وَلا تختلفوا فِي الدّين كَمَا اختلف أهل الكتاب وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ الإسلام إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فِي الْجَاهِلِيَّة يقتل بعضكم بعضا فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً يعني برحمته إخوانا فِي الْإِسْلام وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها يَقُولُ للمشركين الميت منكم فِي النار، والحي منكم عَلَى حرف النار. إن مات دخل النار. «فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها» يعني من الشرك إلى الْإِيمَان كَذلِكَ يعني هكذا يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ يعني علاماته فِي هَذِهِ النعمة: أعداء فِي الْجَاهِلِيَّة إخوانا فِي الْإِسْلام لَعَلَّكُمْ لكي تَهْتَدُونَ- ١٠٣- فتعرفوا علاماته فِي هَذِهِ النعمة.

فَلَمَّا سَمِع القوم القرآن من النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تحاجزوا ثُمّ عانق بعضهم بعضا وتناول بخدود بعض بالتقبيل والالتزام. يَقُولُ جَابِر بن عَبْد اللَّه وَهُوَ فِي القوم: لقَد اطلع إلينا رَسُول اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وما أحد هُوَ أكره طلعة إلينا منه لما كنا هممنا به فَلَمَّا انتهى إليهم النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: اتقوا اللَّه وأصلحوا ذات بينكم.

وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يعني عصبة يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ- ١٠٤- فوعظ الله المؤمنين لكي لا يتفرقوا، وَلا يختلفوا كفعل أَهْل الكتاب، فَقَالَ: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا فى الدين


(١) فى أ: والسقف.

<<  <  ج: ص:  >  >>