للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمنْ ثَمّ نسله أبيض وأحمر وأسود، مؤمن وكافر، فحسد إبليس تِلْكَ الصورة فَقَالَ للملائكة الَّذِين هُمْ معه أرأيتم هَذَا الَّذِي لَمْ تروا شيئا من الخلق على هيئته إن فضل عَلَيّ ماذا تصنعون؟ قَالوا نسمع ونطيع لأمر الله وأسر عدو الله فِي نفسه لئن فضل آدم عَلَيْه لا يطيع، وليستفزنه فترك آدم طينا أربعين سنة مصورا فجعل إبليس يدخل من دبره ويخرج من فِيهِ وَيَقُولُ أَنَا نار وهذا طين أجوف والنار تغلب الطين، لاغلبنه.

فذلك قوله عَزَّ وَجَلّ: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يعنى قوله يومئذ: لاغلبنه) وقوله: لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا يعني لأحتوين عَلَى ذريته إِلَّا قليلا.

فَقَالَ الله للروح ادخلي هَذَا الجسد فقالت أَي رب أَيْنَ تدخلني هذا الجسد المظلم؟

فَقَالَ اللَّه ادخليه كرها، فدخلته كرها وهي لا تخرج منه إِلَّا كرها، ثُمّ نفخ فِيهِ الروح من قبل رأسه، فترددت الروح فِيهِ حَتَّى بلغت نصف جسده موضع السرة، فعجل للقعود، فذلك قوله (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا) «٢٦» .

وقد نقل المفسرون عن التوراة كثيرا مما يتعلق بخلق آدم وبدء الخليقة، ومن السفر الاول وهو سفر التكوين او الخلق، وفى هذا السفر خلق العالم وقصة آدم وحواء وأولادهما.

ومن أوائل من نقل هذا عن اهل الكتاب مقاتل بن سليمان.

وقد ساق الحافظ ابن كثير «٢٧» كلاما قريبا من كلام مقاتل ثم علق عليه قائلا:

هذا سياق غريب، وفيه أشياء فيها نظر تطول مناقشتها، وهذا الاسناد الى ابن عباس يروى به تفسير مشهور، وقال السدى فى تفسيره عن ابى مالك وعن ابى صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن عباس وعن أناس من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

لما فرغ الله من خلق ما أحب استوى على العرش فجعل إبليس على ملك السماء الدنيا، وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن.. ثم ساق تفسيرا للآية يحتوي على تفسير مقاتل وعلق عليه قائلا:

فهذا الاسناد الى هؤلاء الصحابة مشهور فى تفسير السدى، وتقع فيه إسرائيليات


(٢٦) تفسير مقاتل مخطوطة احمد الثالث: ١/ ٨، وانظر تحقيقي له مجلد ١/ ٩٦ واتبع ذلك إسرائيليات عن تعليم آدم الأسماء، وتوبة الله على آدم (١/ ٩ ا) وانظر تحقيقي له مجلد ١/ ٩٩- ١٠٠.
(٢٧) تفسير ابن كثير: ١/ ٧٦.
.

<<  <  ج: ص:  >  >>