للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بعده، فكذلك لا يأمر الميت بما يؤثمه فذلك قوله- سُبْحَانَهُ-: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً يعني عجزة لا حيلة لهم نظيرها فِي البقرة «١» .

خافُوا عَلَيْهِمْ الضيعة فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا إذا جلسوا إلى الميت قَوْلًا سَدِيداً- ٩- يعني عدلا فليأمره بالعدل فِي الوصية فلا يحرفها وَلا يجر فيها إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً بغير حق إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً- ١٠- وذلك أن خازن النار يأخذ شفتيه وهما أطول من مشفري البعير وطول شفتيه أربعون ذراعا إحداهما بالغة عَلَى منخره، والأخرى عَلَى بطنه فيلقمه جمر جَهَنَّم ثُمّ يقول كُل بأكلك أموال اليتامى ظلما. فنسخت هَذِهِ الآية وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

«٢» ، وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ «٣» فرخص فِي المخالطة وَلَم يرخص فِي أكل أموال اليتامى ظلما. ثُمّ بين قسمة المواريث بين الورثة. فَقَالَ- عَزَّ وَجَلّ- يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ يعني بنات أم كحة فَلَهُنَّ ثُلُثا مَا تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ ابنة واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ [٧١ ب] الميت إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ


(١) يقصد الآية ٢٦٦- من سورة البقرة وهي: أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ.
(٢) سورة الأنعام: ١٥٢.
(٣) الآية ٢٢٠ من سورة البقرة وتمامها: فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
يقصد أن آية البقرة نسخت آيتي النساء. فأباحت المخالطة بالمعروف. وليس هنا نسخ ولكنه تخصيص للعام فآية النساء نهت عن المخالطة عامة وآية البقرة أباحت المخالطة بالمعروف. وظل النهى قائما عن كل مخالطة بغير التي هي أحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>