وعلى هذا القول فقد أسند الاستغفار إلى مجموع أهل مكة الصادقِ بخصوص المؤمنين منهم. ونظير الآية عليه قولُه تعالى:{فَعَقَرُوا النَّاقَةَ}[الأعراف/ ٧٧]، مع أن العاقر واحد منهم، بدليل قوله تعالى: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (٢٩)} [القمر/ ٢٩] وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [نوح/ ١٥ - ١٦] أي: جعل القمر في مجموعهن الصادقِ بخصوص السماء التي فيها القمر؛ لأنه لم يجعل في كل سماء قمرًا، وقوله تعالى:{يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}[الأنعام/ ١٣٠] أي: من مجموعكم الصادقِ بخصوص الإنس -على الأصح-؛ إذ ليس من الجن رسل.
وأما تمثيل كثير من العلماء لإطلاق المجموع مرادًا بعضُه بقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (٢٢)} [الرحمن/ ٢٢] زاعمين أن معنى قوله: {مِنْهُمَا} أي: من مجموعهما الصادقِ بخصوص البحر المِلْح؛ لأن العَذْبَ لا يخرج منه لؤلؤ ولا مرجان، فهو قول باطل بنص القرآن العظيم.
فقد صرح تعالى باستخراج اللؤلؤ والمرجان من البحرينِ كليهما حيث قال:{وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}[فاطر/ ١٢] فقوله تعالى: {وَمِنْ كُلٍّ} صريح في إرادة العَذْبِ والمِلْح معًا. وقوله:{حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} هي: اللؤلؤ والمرجان.
وعلى هذا القول فالعذاب الدنيوي يدفعه اللَّه عنهم باستغفار