لأن مرادها بقولها:"مثل عيني" أنه كعينها في المحبة إليها، فحمله على غير مرادها، بأن قال بأنه كعينها في السقم؛ لأنه سقيم من حبها، فأشبه عينها، وسقم أعين النساء ضعف خلقي وتكسر يكون في جفونهن. وقوله:"لكن سقامًا" بَيَّنَ فيه مراده بمتعلق اصطلاحي وهو التمييز، لأن التمييز متعلق بعامله، والمعنى: صدقت في تماثلي مع عينها، ولكن لا في الحب إليها، بل في كون كل منا سقيمًا.
ومن هذا الضرب قول ابن دويدة المغربي من أبيات يخاطب بها رجلًا أودع بعض القضاة مالًا فادعى القاضي ضياعه:
إن قال قد ضاعت فصِدْقٌ أنها ... ضاعت ولكن منك يعني لو تعي
أو قال قد وقعت فصِدْقٌ أنها ... وقعت ولكن منه أحسن موقع
فقد حمل الكلام على غير المراد به بذكر متعلقه الاصطلاحي وهو الجار والمجرور الذي هو "منك" في البيت الأول، و"منه" في الثاني.
ومن هذا الضرب قول الآخر:
وقالوا قد صفت منا قلوب ... لقد صدقوا ولكن من وداد
فالمراد صفاء قلوبهم من الغل والدنس. فحمله المخاطبُ على صفاء قلوبهم، أي فراغها وخلوها من مودته.